احمد العتيبي
10-22-2013, 05:09 AM
خبز الإخوان العادم !
بقلم - سليم عزوز:
"العيش"هو المرادف الشعبي المصري لكلمة "الخبز"، " والعيش العادم" أو" الأكل العادم" هو ذلك الذي لا يوجد به ملح، أو يوجد به ملح أقل من المنسوب المطلوب، والطعام من هذا النوع لا يؤثر في من يأكله ولا يكون به مسببات التذكر، وقد استقر في الوجدان المصري، أن من كرم الأخلاق وحسن التربية، صيانة "العيش والملح"، وهما ما يمثلان معنى الطعام، وإن احتوى على "المحمر" و"المشمر".. وقديماً قال القائل:"بصلة المحب خروف"، وكان ردي عليه أن "بصلة المحب".. " بصلة"، وأن " خروفه".. " خروف".
يقال وصفاً للطعام الذي لا يضبط إخلاص الآكل إنه" عادم"، ففلان" عيشه عادم"، أو " طعامه عادم"، أي أن من يأكله لا يحرص على صيانته، ولا يحمل جميلاً في نفسه لمن قدمه له، ولا ينظر إلى صاحبه على كونه صاحب فضل. وفي هذه الأيام يسيطر علي إحساس جارف بأن " عيش الإخوان عادم"، وأنا أشاهد حملة الهجوم عليهم المتجاوزة للنقد إلى التجريح والتطاول، بل والشماتة والدفع الى اجتثاثهم من الحياة المصرية، حتى تعيش القوى السياسية الفاشلة عيشة راضية لا تسمع فيها لاغية، فيتخلصون من هذا المنافس القوي، الذي ما إن يتم الاحتكام للشعب في أي استحقاق انتخابي منذ قيام الثورة، حتى ( يخذلنا) ويفوز الإخوان.
محسوبكم، وعند كل احتكام للصناديق كان في"الاتجاه المعاكس" للإخوان، ففي الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس 2011، دعا الإسلاميون للتصويت بـ " نعم" وكنت من الداعمين لـ " لا"، ووقفت أمام اللجنة الانتخابية أكثر من ساعتين، في طابور بدا لي أنه لا آخر له، ففازت" نعم" بأغلبية ساحقة، ووجدت نفسي مع الأقليات، وهو حظ عاثر، والدنيا حظوظ، وهي إذا أقبلت باض الحمام على الوتد وإذا أدبرت طار الحمام من القفص، وفي أيام الصبا وعندما قررت تشجيع فريق لكرة القدم شجعت نادي الزمالك، في وقت كان زملائي في المدرسة كلهم " أهلاوية" وبدا لي أن شخصاً واحداً هو " صلاح" الذي نسيت بقية اسمه هو من يشجع الزمالك.
في الانتخابات البرلمانية كنت ضد الإخوان، ومدفوعاً بثأر شخصي، إذ كان من المتفق عليه أن أكون من بين المرشحين على قوائم " الحرية والعدالة" وفي ترتيب متقدم، بالدائرة الأولى بمحافظة سوهاج، ضمن ما سمي بـ " التحالف الوطني" الذي يضم " 44 حزباً" وقبل إغلاق باب الترشيح بثماني وأربعين ساعة، فوجئت باستبعادي وبدون إبداء أسباب، على نحو مثل لي حرجاً كبيراً لي وسط عائلتي، وكنت أخبرت عدداً من رموزها بأنني مرشح على قائمة حزبية فمنعوا غيري من الترشيح منعاً لتفتيت الأصوات، وكان الرأي من يريد الترشيح فليترشح على المقعد الفردي.
ولا أخدعكم وأقول إنني تقبلت هذا الموقف بروح رياضية، فأصعب شيء على نفس أي عبد من عباد الله الصعايدة، أن يُخدع أو أن يكون عرضة لمقالب الآخرين وتلاعبهم.. وقد صوت لغير الإخوان في هذه الانتخابات، ففاز الإخوان بأغلبية البرلمان، ونصحت زوجتي أن تنتخب في دائرتها قائمة الوسط، وعلى المقعد الفردي: مرشح حزب التجمع، وجميلة إسماعيل، فلم يحالف الحظ أحداً منهم.
في الانتخابات الرئاسية، كنت قد قررت الانحياز للدكتور محمد البرادعي، ولما لم يترشح فقد اعتبرت أن عمرو موسى هو المرشح المناسب لهذه الدورة لأن مصر بأزماتها الاقتصادية والأمنية تحتاج الى من يحكم من أول يوم، وكنت أخشى في ظل هذه الأزمات أن يكفر الشعب بالثورة، وكان أداء المجلس العسكري وهو الامتداد لحكم مبارك، يدفع الناس دفعاً للكفر بها، فلم يكن منحازاً للثورة ودعكم من موشحات الذين حموا الثورة، والذين أجبروا مبارك على التنحي.. كل هذه أفلام شاركنا جميعاً في تأليفها
أحدنا كان يكتب في جريدة" الأخبار" سلسلة مقالات عن هذا الدور المنحاز للثورة، وذات يوم كان يكتب كيف رفض المشير محمد حسين طنطاوي تنفيذ أوامر مبارك بإطلاق الرصاص على الثوار، وفي نفس اليوم كان طنطاوي يدلي بشهادته في قضية محاكمة مبارك، وقال إن أوامر بذلك لم تصدر له، وتزيد قائلاً: ولم تصدر لوزير الداخلية، أو لغيره.. ولم يسمع أن أوامر صدرت، ولا يعتقد أنه يمكن أن تصدر من الرئيس السابق أوامر بذلك، بل يجزم بأن أوامر بإطلاق الرصاص لا يمكن أن تصدر من مبارك!.
أيدت عمرو موسى، فلم يحالفه الحظ، ووقفت ضد مرشح الإخوان فحصل على التأييد الشعبي الذي تجلى في أنزه ثالث انتخابات عرفتها مصر بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والانتخابات البرلمانية.
عندما عرض الرئيس محمد مرسي أمر الدستور على الاستفتاء، كنتُ من الرافضين للمقاطعة ومن الداعين للتصويت بـ" لا" فإذا بـ " لا" تضعني ضمن الأقليات بعد أن صوّت بنعم أكثر من ثلثي الذين أدلوا بأصواتهم!.
وفي مواجهة هذه الهزائم التي منيت بها على مدى عامين ونصف العام، جاء الانقلابيون إلى المشهد فالسيف أصدق أنباء من الصندوق، وانتصروا لأمثالي بقوة السلاح، ومن خلال درس في" الإرادة الشعبية" لا تعرفه الديمقراطيات الحديثة ولكنه ورد في" الكتاب الأخضر" للأخ العقيد القذافي، فيما سماه بالديمقراطية المباشرة والنظرية الثالثة.
بيد أن المشكلة تكمن فيّ، فأنا ليبرالي كما ورد في الكتاب، وليس وفق" المقررات الدراسية" التي توزعها السفارة الأمريكية بالقاهرة على المترددين إليها من "الليبراليين الجدد".. وانحيازاتي هي لصندوق الانتخاب وإن جاء بعبد حبشي، وضد الانقلابات العسكرية ما ظهر منها وما بطن، ولهذا بدا موقفي منحازاً للإخوان، والبعض أسقط عشرين عاماً من الخلاف وقال إنني من الخلايا النائمة وقد استيقظت ولله الحمد.
من المفارقات المثيرة، أنني أجد نفسي في لقاءات تلفزيونية أدافع عن الإخوان في مواجهة اتهامهم بالإرهاب، وتكوين مليشيات وما الى ذلك، ودفاعاً عن شرعية الرئيس محمد مرسي، و لم أكن حليفهم في يوم من الأيام، وأجد نفسي مضطراً للرد على ما يروج له من كانوا وإلى الأمس القريب حلفاء للقوم، والى حد أن يقول حمدين صباحي إن خلافاتهم مع الفلول ثانوية ولكنها مع الإخوان جذرية، والإخوان لم يصدقوا مع أحد كما صدقوا مع حمدين صباحي، وعلى مدى دورتين في برلمان ما قبل الثورة.
أكثر الناس حدة في الخلاف في لعن الإخوان على الهواء مباشرة، هم " رجال " حمدين صباحي، الذين صدق معهم الإخوان في " التحالف الوطني" ودخل ثلاثة عشر من حزب " الكرامة" الذي يتزعمه حمدين البرلمان لترشحهم على قوائم "الحرية والعدالة".
تسمع لأحدهم وهو سعد عبود، وهو مندوب " الكرامة" في اجتماعات " التحالف"، يهاجم الإخوان بحدة عبر الشاشات، حتى تخشى أن يصاب بذبحة صدرية بسبب الانفعال، ليستقر في وجدانك أن الإخوان" اختراع جديد"، اكتشفه "سعد" للتو، وكأنه لم ينسق معهم من قبل.
لقد حدث اختلاف على ترتيب أسماء بعض مرشحي " الكرامة"، على قوائم الإخوان، وكان حمدين صباحي خارج مصر، وجاء من المطار إلى المقر العام للجماعة.. وهناك قالوا له" طلباتك أوامر".
قبل أيام كنت مع أحدهم عبر إحدى الفضائيات، وهو إنسان نبيل ومهذب وخفيض الصوت، لكنه هذه المرة كان حاداً بشكل لم أعهده فيه، وألقى الاتهامات في وجه الإخوان، ولم يكن ينوب عنهم ممثل في البرنامج، وكانت اتهاماته متنوعة ومن العمالة الى الإجرام، وكان الدليل على خيانتهم للوطن إنهم يطالبون بالخلافة، مع أن هذا ليس اكتشافاً حديثاً فقد كانوا كذلك منذ أن تأسست الجماعة، وقد أرق وجدانهم قديماً إنهاء دولة الخلافة.
صاحبنا دخل مجلس الشعب مرشحاً على قوائم الإخوان، وفوجئت بذلك بعد أسابيع من الانتخابات البرلمانية، إذ كنت أشارك في برنامج تلفزيوني بالتلفزيون المصري ضد الإخوان وفي مواجهة أحد نوابهم، ولم أفاجأ حينئذ بانحياز المذيعة ضدي لصالح نائب الإخوان، لكني فوجئت بالقيادي بحزب"الكرامة" معه أيضاً، ولما نقلت دهشتي لصديق مشترك، قال لي إنهم حلفاء وهو نائب بمجلس الشعب بفضلهم!.
عندما تبدلت المواقع أيقنت أن" عيش الإخوان عادم"، وتذكرت أنني في بداية عملي بالصحافة ترددت كثيراً على مقر الجماعة لإجراء مقابلات صحفية مع قادتها، فلم يقدموا لي يوماً قدحاً من الشاي أو شاطراً ومشطوراً وبينهما " فلافل"، ربما أعمالاً للقول المأثور:" لا يأكل طعامك إلا تقي"، مرة واحدة قدم لي موظف الاستعلامات قطعة من الحلوى.. وكانت مرة يتيمة على أي حال.
ربما كان يعلم الإخوان أن "خبزهم عادم"
بقلم - سليم عزوز:
"العيش"هو المرادف الشعبي المصري لكلمة "الخبز"، " والعيش العادم" أو" الأكل العادم" هو ذلك الذي لا يوجد به ملح، أو يوجد به ملح أقل من المنسوب المطلوب، والطعام من هذا النوع لا يؤثر في من يأكله ولا يكون به مسببات التذكر، وقد استقر في الوجدان المصري، أن من كرم الأخلاق وحسن التربية، صيانة "العيش والملح"، وهما ما يمثلان معنى الطعام، وإن احتوى على "المحمر" و"المشمر".. وقديماً قال القائل:"بصلة المحب خروف"، وكان ردي عليه أن "بصلة المحب".. " بصلة"، وأن " خروفه".. " خروف".
يقال وصفاً للطعام الذي لا يضبط إخلاص الآكل إنه" عادم"، ففلان" عيشه عادم"، أو " طعامه عادم"، أي أن من يأكله لا يحرص على صيانته، ولا يحمل جميلاً في نفسه لمن قدمه له، ولا ينظر إلى صاحبه على كونه صاحب فضل. وفي هذه الأيام يسيطر علي إحساس جارف بأن " عيش الإخوان عادم"، وأنا أشاهد حملة الهجوم عليهم المتجاوزة للنقد إلى التجريح والتطاول، بل والشماتة والدفع الى اجتثاثهم من الحياة المصرية، حتى تعيش القوى السياسية الفاشلة عيشة راضية لا تسمع فيها لاغية، فيتخلصون من هذا المنافس القوي، الذي ما إن يتم الاحتكام للشعب في أي استحقاق انتخابي منذ قيام الثورة، حتى ( يخذلنا) ويفوز الإخوان.
محسوبكم، وعند كل احتكام للصناديق كان في"الاتجاه المعاكس" للإخوان، ففي الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس 2011، دعا الإسلاميون للتصويت بـ " نعم" وكنت من الداعمين لـ " لا"، ووقفت أمام اللجنة الانتخابية أكثر من ساعتين، في طابور بدا لي أنه لا آخر له، ففازت" نعم" بأغلبية ساحقة، ووجدت نفسي مع الأقليات، وهو حظ عاثر، والدنيا حظوظ، وهي إذا أقبلت باض الحمام على الوتد وإذا أدبرت طار الحمام من القفص، وفي أيام الصبا وعندما قررت تشجيع فريق لكرة القدم شجعت نادي الزمالك، في وقت كان زملائي في المدرسة كلهم " أهلاوية" وبدا لي أن شخصاً واحداً هو " صلاح" الذي نسيت بقية اسمه هو من يشجع الزمالك.
في الانتخابات البرلمانية كنت ضد الإخوان، ومدفوعاً بثأر شخصي، إذ كان من المتفق عليه أن أكون من بين المرشحين على قوائم " الحرية والعدالة" وفي ترتيب متقدم، بالدائرة الأولى بمحافظة سوهاج، ضمن ما سمي بـ " التحالف الوطني" الذي يضم " 44 حزباً" وقبل إغلاق باب الترشيح بثماني وأربعين ساعة، فوجئت باستبعادي وبدون إبداء أسباب، على نحو مثل لي حرجاً كبيراً لي وسط عائلتي، وكنت أخبرت عدداً من رموزها بأنني مرشح على قائمة حزبية فمنعوا غيري من الترشيح منعاً لتفتيت الأصوات، وكان الرأي من يريد الترشيح فليترشح على المقعد الفردي.
ولا أخدعكم وأقول إنني تقبلت هذا الموقف بروح رياضية، فأصعب شيء على نفس أي عبد من عباد الله الصعايدة، أن يُخدع أو أن يكون عرضة لمقالب الآخرين وتلاعبهم.. وقد صوت لغير الإخوان في هذه الانتخابات، ففاز الإخوان بأغلبية البرلمان، ونصحت زوجتي أن تنتخب في دائرتها قائمة الوسط، وعلى المقعد الفردي: مرشح حزب التجمع، وجميلة إسماعيل، فلم يحالف الحظ أحداً منهم.
في الانتخابات الرئاسية، كنت قد قررت الانحياز للدكتور محمد البرادعي، ولما لم يترشح فقد اعتبرت أن عمرو موسى هو المرشح المناسب لهذه الدورة لأن مصر بأزماتها الاقتصادية والأمنية تحتاج الى من يحكم من أول يوم، وكنت أخشى في ظل هذه الأزمات أن يكفر الشعب بالثورة، وكان أداء المجلس العسكري وهو الامتداد لحكم مبارك، يدفع الناس دفعاً للكفر بها، فلم يكن منحازاً للثورة ودعكم من موشحات الذين حموا الثورة، والذين أجبروا مبارك على التنحي.. كل هذه أفلام شاركنا جميعاً في تأليفها
أحدنا كان يكتب في جريدة" الأخبار" سلسلة مقالات عن هذا الدور المنحاز للثورة، وذات يوم كان يكتب كيف رفض المشير محمد حسين طنطاوي تنفيذ أوامر مبارك بإطلاق الرصاص على الثوار، وفي نفس اليوم كان طنطاوي يدلي بشهادته في قضية محاكمة مبارك، وقال إن أوامر بذلك لم تصدر له، وتزيد قائلاً: ولم تصدر لوزير الداخلية، أو لغيره.. ولم يسمع أن أوامر صدرت، ولا يعتقد أنه يمكن أن تصدر من الرئيس السابق أوامر بذلك، بل يجزم بأن أوامر بإطلاق الرصاص لا يمكن أن تصدر من مبارك!.
أيدت عمرو موسى، فلم يحالفه الحظ، ووقفت ضد مرشح الإخوان فحصل على التأييد الشعبي الذي تجلى في أنزه ثالث انتخابات عرفتها مصر بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والانتخابات البرلمانية.
عندما عرض الرئيس محمد مرسي أمر الدستور على الاستفتاء، كنتُ من الرافضين للمقاطعة ومن الداعين للتصويت بـ" لا" فإذا بـ " لا" تضعني ضمن الأقليات بعد أن صوّت بنعم أكثر من ثلثي الذين أدلوا بأصواتهم!.
وفي مواجهة هذه الهزائم التي منيت بها على مدى عامين ونصف العام، جاء الانقلابيون إلى المشهد فالسيف أصدق أنباء من الصندوق، وانتصروا لأمثالي بقوة السلاح، ومن خلال درس في" الإرادة الشعبية" لا تعرفه الديمقراطيات الحديثة ولكنه ورد في" الكتاب الأخضر" للأخ العقيد القذافي، فيما سماه بالديمقراطية المباشرة والنظرية الثالثة.
بيد أن المشكلة تكمن فيّ، فأنا ليبرالي كما ورد في الكتاب، وليس وفق" المقررات الدراسية" التي توزعها السفارة الأمريكية بالقاهرة على المترددين إليها من "الليبراليين الجدد".. وانحيازاتي هي لصندوق الانتخاب وإن جاء بعبد حبشي، وضد الانقلابات العسكرية ما ظهر منها وما بطن، ولهذا بدا موقفي منحازاً للإخوان، والبعض أسقط عشرين عاماً من الخلاف وقال إنني من الخلايا النائمة وقد استيقظت ولله الحمد.
من المفارقات المثيرة، أنني أجد نفسي في لقاءات تلفزيونية أدافع عن الإخوان في مواجهة اتهامهم بالإرهاب، وتكوين مليشيات وما الى ذلك، ودفاعاً عن شرعية الرئيس محمد مرسي، و لم أكن حليفهم في يوم من الأيام، وأجد نفسي مضطراً للرد على ما يروج له من كانوا وإلى الأمس القريب حلفاء للقوم، والى حد أن يقول حمدين صباحي إن خلافاتهم مع الفلول ثانوية ولكنها مع الإخوان جذرية، والإخوان لم يصدقوا مع أحد كما صدقوا مع حمدين صباحي، وعلى مدى دورتين في برلمان ما قبل الثورة.
أكثر الناس حدة في الخلاف في لعن الإخوان على الهواء مباشرة، هم " رجال " حمدين صباحي، الذين صدق معهم الإخوان في " التحالف الوطني" ودخل ثلاثة عشر من حزب " الكرامة" الذي يتزعمه حمدين البرلمان لترشحهم على قوائم "الحرية والعدالة".
تسمع لأحدهم وهو سعد عبود، وهو مندوب " الكرامة" في اجتماعات " التحالف"، يهاجم الإخوان بحدة عبر الشاشات، حتى تخشى أن يصاب بذبحة صدرية بسبب الانفعال، ليستقر في وجدانك أن الإخوان" اختراع جديد"، اكتشفه "سعد" للتو، وكأنه لم ينسق معهم من قبل.
لقد حدث اختلاف على ترتيب أسماء بعض مرشحي " الكرامة"، على قوائم الإخوان، وكان حمدين صباحي خارج مصر، وجاء من المطار إلى المقر العام للجماعة.. وهناك قالوا له" طلباتك أوامر".
قبل أيام كنت مع أحدهم عبر إحدى الفضائيات، وهو إنسان نبيل ومهذب وخفيض الصوت، لكنه هذه المرة كان حاداً بشكل لم أعهده فيه، وألقى الاتهامات في وجه الإخوان، ولم يكن ينوب عنهم ممثل في البرنامج، وكانت اتهاماته متنوعة ومن العمالة الى الإجرام، وكان الدليل على خيانتهم للوطن إنهم يطالبون بالخلافة، مع أن هذا ليس اكتشافاً حديثاً فقد كانوا كذلك منذ أن تأسست الجماعة، وقد أرق وجدانهم قديماً إنهاء دولة الخلافة.
صاحبنا دخل مجلس الشعب مرشحاً على قوائم الإخوان، وفوجئت بذلك بعد أسابيع من الانتخابات البرلمانية، إذ كنت أشارك في برنامج تلفزيوني بالتلفزيون المصري ضد الإخوان وفي مواجهة أحد نوابهم، ولم أفاجأ حينئذ بانحياز المذيعة ضدي لصالح نائب الإخوان، لكني فوجئت بالقيادي بحزب"الكرامة" معه أيضاً، ولما نقلت دهشتي لصديق مشترك، قال لي إنهم حلفاء وهو نائب بمجلس الشعب بفضلهم!.
عندما تبدلت المواقع أيقنت أن" عيش الإخوان عادم"، وتذكرت أنني في بداية عملي بالصحافة ترددت كثيراً على مقر الجماعة لإجراء مقابلات صحفية مع قادتها، فلم يقدموا لي يوماً قدحاً من الشاي أو شاطراً ومشطوراً وبينهما " فلافل"، ربما أعمالاً للقول المأثور:" لا يأكل طعامك إلا تقي"، مرة واحدة قدم لي موظف الاستعلامات قطعة من الحلوى.. وكانت مرة يتيمة على أي حال.
ربما كان يعلم الإخوان أن "خبزهم عادم"