احمد العتيبي
07-25-2013, 03:18 PM
طبول الحرب الأهلية
فهمي هويدي
الخميس، 25 تموز 2013 10:48
رغم أنني سمعت الفريق أول عبد الفتاح السيسي وهو يدعو الجماهير للنزول إلى الشوارع والميادين يوم الجمعة (غداً) لتفويضه في التعامل مع العنف الحاصل في البلد، إلاّ أنّني ما زلت عاجزا عن تصديقه. وليس ذلك شعوري وحدي لأنّني تلقّيت أكثر من اتصال هاتفي ظهر أمس من أناس قالوا إنّهم سمعوا بالخبر أو تلقّوه على هواتفهم، وشككوا في صحته، حيث لم يتصوروا أنّ شيئا من ذلك يمكن أن يحدث.
لم أصدّق أن يوجّه وزير الدفاع دعوة مفتوحة بهذا الشكل، في وجود رئيس للدولة وفي وجود رئيس للحكومة، وكان بوسع أيّ منهما أن يخاطب الشعب المصري ويشرح لهم الأزمة الراهنة، وإذا وجد أنّ ثمة إجراء ضروريا واجب الاتخاذ من جانب السلطة فربما كان له أن يطالب أجهزة الدولة المختصة بتنفيذه. أمّا أن ينفرد الفريق السيسي بالقرار كما ظهر لنا على الأقل، فذلك ممّا يصعب تبريره أو استيعابه.
لم أصدّق أن يطلب وزير الدفاع تفويضا من الجماهير التي تخرج إلى الشوارع يوم الجمعة كي يتعامل مع ما وصفه بالتطرف والإرهاب، ذلك أنّه من حيث المبدأ فإنّ الحكومة التي تباشر سلطاتها في أىّ بلد لا تحتاج إلى تفويض لمواجهة مهمة من ذلك القبيل. علما بأنّ الجيش المصري يقوم بهذه المهمة في سيناء منذ عدة أسابيع دون تفويض من أحد، حيث كان يقوم بواجبه الطبيعي. من ناحية ثالثة فإنّ أحدا لا يعرف بالضبط مضمون أو حدود التفويض المطلوب ولا أحد يعرف المقصود بمصطلح العنف والإرهاب، وهو العنوان المطاط الذي يمكن أن يحمل درجات مختلفة من العنف من جانب الجيش والشرطة.
على صعيد آخر، فإنّ هذه الدعوة يمكن أن تفتح الباب واسعاً لاستباحة المتظاهرين من جانب أيّ طرف، إذ فضلاً عن أنّ الكلام يحتمل ممارسات عديدة أحدها التعامل مع المتظاهرين بعنف واحتمال إطلاق الرصاص عليهم. إلى جانب أنّه يعدّ بمثابة دعوة لجيش البلطجية كي ينقضّ على أيّ مظاهرة أو اعتصام في البلد، إلى غير ذلك من النتائج التي سوف تنسب مباشرة إلى دعوة الفريق السيسي محليا ودوليا وتاريخيا.
وحين يوجِّه وزير الدفاع دعوة بهذا المضمون في وجود عشرات الألوف من الأخوان وغير الأخوان، ومعهم أعداد لا بأس بها من الغيورين على الديمقراطية والمتوجسين من حكم العسكر، فإنّنا بذلك نصبح على أبواب حرب أهلية، ذلك أنّنا بصدد استدعاء لحشود فى مواجهة حشود أخرى موجودة، وفي ظل أجواء احتقان شديد، الأمر الذي يجعل احتمال الاحتكاك شديداً، ويدفع بنا إلى مجهول لا يعرف إلاّ الله وحده مداه. ولست أشكّ في أنّ الفريق السيسي يعلم جيدا أنّه في مواجهات ساخنة من ذلك القبيل فإنّ مَن يطلق الشرارة الأولى يصعب عليه التحكم في الشرارة الأخيرة.
لقد أثار الانتباه أنّ وزير الدفاع تحدّث في خطاب استدعاء الجماهير أنّ جلسة للحوار والمصالحة الوطنية بصدد الانعقاد في مقر رئاسة الجمهورية، وهو كلام أثار لغطا حول أهداف رسالته، ذلك أنّه يستنفر الجماهير لمواجهة الأخوان الموجودين في الشوارع والميادين، في الوقت الذي تبدأ فيه جلسات الحوار الوطني، الأمر الذي يثير أكثر من سؤال، فقد كان حرياً به أن ينتظر نتيجة الحوار ويتأكد من فشله كي يبحث عن الخطوة التالية، هذا إذا كان المفترض أن يكون وزير الدفاع هو المسؤول عن مصير الحوار الوطني. من ناحية ثانية، فإنّ كلامه يعنى أنّ الحوار الحاصل يجري مع أطراف تختلف عن تلك التي يستنفر الجماهير لمواجهتها، الأمر الذي يعني أنّ مسار الحوار يتجه إلى التنسيق مع الموافقين الذين دُعوا إلى رئاسة الجمهورية. أمّا معارضيه المعتصمين في رابعة العدوية أو ميدان النهضة بالجيزة، فهؤلاء سيتم التعامل معهم بسلاح الشرطة العسكرية والأمن المركزي.
إنّني أخشى أن يكون الفريق السيسي قد تسرّع في إطلاق دعوته الخطيرة، دون تقدير كافٍ للعواقب المترتّبة عليها، وهذا التسرع دفعه إلى الإشارة إلى أنّه وجَّه رسائل إلى الدكتور محمد مرسي حملها إليه الدكتور محمد سليم العوا، وقد راجعته في ذلك فكان ردّه أنّ هذه معلومات غير صحيحة، ولم يحدث أنّه حمل أيّ رسائل منه إلى الدكتور مرسي والعكس.
إنّني أتمنّى أن يصحح الفريق السيسي الانطباعات المخيفة التي تركها خطابه لدى قطاعات واسعة من المثقفين، كما أتمنّى أن يعالج من جانبه الحرج الشديد الذي سبّبه لرئيس الجمهورية ولرئيس الوزراء وللوزارة كلها، بسبب مبادرته إلى توجيه هذه الدعوة بالصورة التي خرجت بها.
علما بأنّه يظلّ أفضل حلّ للأزمة هو ذلك الذي يتمّ من خلال التفاهمات السياسية التي تحقق المراد بأسلوب سلمي ومتحضّر.
فهمي هويدي
الخميس، 25 تموز 2013 10:48
رغم أنني سمعت الفريق أول عبد الفتاح السيسي وهو يدعو الجماهير للنزول إلى الشوارع والميادين يوم الجمعة (غداً) لتفويضه في التعامل مع العنف الحاصل في البلد، إلاّ أنّني ما زلت عاجزا عن تصديقه. وليس ذلك شعوري وحدي لأنّني تلقّيت أكثر من اتصال هاتفي ظهر أمس من أناس قالوا إنّهم سمعوا بالخبر أو تلقّوه على هواتفهم، وشككوا في صحته، حيث لم يتصوروا أنّ شيئا من ذلك يمكن أن يحدث.
لم أصدّق أن يوجّه وزير الدفاع دعوة مفتوحة بهذا الشكل، في وجود رئيس للدولة وفي وجود رئيس للحكومة، وكان بوسع أيّ منهما أن يخاطب الشعب المصري ويشرح لهم الأزمة الراهنة، وإذا وجد أنّ ثمة إجراء ضروريا واجب الاتخاذ من جانب السلطة فربما كان له أن يطالب أجهزة الدولة المختصة بتنفيذه. أمّا أن ينفرد الفريق السيسي بالقرار كما ظهر لنا على الأقل، فذلك ممّا يصعب تبريره أو استيعابه.
لم أصدّق أن يطلب وزير الدفاع تفويضا من الجماهير التي تخرج إلى الشوارع يوم الجمعة كي يتعامل مع ما وصفه بالتطرف والإرهاب، ذلك أنّه من حيث المبدأ فإنّ الحكومة التي تباشر سلطاتها في أىّ بلد لا تحتاج إلى تفويض لمواجهة مهمة من ذلك القبيل. علما بأنّ الجيش المصري يقوم بهذه المهمة في سيناء منذ عدة أسابيع دون تفويض من أحد، حيث كان يقوم بواجبه الطبيعي. من ناحية ثالثة فإنّ أحدا لا يعرف بالضبط مضمون أو حدود التفويض المطلوب ولا أحد يعرف المقصود بمصطلح العنف والإرهاب، وهو العنوان المطاط الذي يمكن أن يحمل درجات مختلفة من العنف من جانب الجيش والشرطة.
على صعيد آخر، فإنّ هذه الدعوة يمكن أن تفتح الباب واسعاً لاستباحة المتظاهرين من جانب أيّ طرف، إذ فضلاً عن أنّ الكلام يحتمل ممارسات عديدة أحدها التعامل مع المتظاهرين بعنف واحتمال إطلاق الرصاص عليهم. إلى جانب أنّه يعدّ بمثابة دعوة لجيش البلطجية كي ينقضّ على أيّ مظاهرة أو اعتصام في البلد، إلى غير ذلك من النتائج التي سوف تنسب مباشرة إلى دعوة الفريق السيسي محليا ودوليا وتاريخيا.
وحين يوجِّه وزير الدفاع دعوة بهذا المضمون في وجود عشرات الألوف من الأخوان وغير الأخوان، ومعهم أعداد لا بأس بها من الغيورين على الديمقراطية والمتوجسين من حكم العسكر، فإنّنا بذلك نصبح على أبواب حرب أهلية، ذلك أنّنا بصدد استدعاء لحشود فى مواجهة حشود أخرى موجودة، وفي ظل أجواء احتقان شديد، الأمر الذي يجعل احتمال الاحتكاك شديداً، ويدفع بنا إلى مجهول لا يعرف إلاّ الله وحده مداه. ولست أشكّ في أنّ الفريق السيسي يعلم جيدا أنّه في مواجهات ساخنة من ذلك القبيل فإنّ مَن يطلق الشرارة الأولى يصعب عليه التحكم في الشرارة الأخيرة.
لقد أثار الانتباه أنّ وزير الدفاع تحدّث في خطاب استدعاء الجماهير أنّ جلسة للحوار والمصالحة الوطنية بصدد الانعقاد في مقر رئاسة الجمهورية، وهو كلام أثار لغطا حول أهداف رسالته، ذلك أنّه يستنفر الجماهير لمواجهة الأخوان الموجودين في الشوارع والميادين، في الوقت الذي تبدأ فيه جلسات الحوار الوطني، الأمر الذي يثير أكثر من سؤال، فقد كان حرياً به أن ينتظر نتيجة الحوار ويتأكد من فشله كي يبحث عن الخطوة التالية، هذا إذا كان المفترض أن يكون وزير الدفاع هو المسؤول عن مصير الحوار الوطني. من ناحية ثانية، فإنّ كلامه يعنى أنّ الحوار الحاصل يجري مع أطراف تختلف عن تلك التي يستنفر الجماهير لمواجهتها، الأمر الذي يعني أنّ مسار الحوار يتجه إلى التنسيق مع الموافقين الذين دُعوا إلى رئاسة الجمهورية. أمّا معارضيه المعتصمين في رابعة العدوية أو ميدان النهضة بالجيزة، فهؤلاء سيتم التعامل معهم بسلاح الشرطة العسكرية والأمن المركزي.
إنّني أخشى أن يكون الفريق السيسي قد تسرّع في إطلاق دعوته الخطيرة، دون تقدير كافٍ للعواقب المترتّبة عليها، وهذا التسرع دفعه إلى الإشارة إلى أنّه وجَّه رسائل إلى الدكتور محمد مرسي حملها إليه الدكتور محمد سليم العوا، وقد راجعته في ذلك فكان ردّه أنّ هذه معلومات غير صحيحة، ولم يحدث أنّه حمل أيّ رسائل منه إلى الدكتور مرسي والعكس.
إنّني أتمنّى أن يصحح الفريق السيسي الانطباعات المخيفة التي تركها خطابه لدى قطاعات واسعة من المثقفين، كما أتمنّى أن يعالج من جانبه الحرج الشديد الذي سبّبه لرئيس الجمهورية ولرئيس الوزراء وللوزارة كلها، بسبب مبادرته إلى توجيه هذه الدعوة بالصورة التي خرجت بها.
علما بأنّه يظلّ أفضل حلّ للأزمة هو ذلك الذي يتمّ من خلال التفاهمات السياسية التي تحقق المراد بأسلوب سلمي ومتحضّر.