احمد العتيبي
11-18-2012, 04:12 PM
النجاح الصيني والفشل العربي
رأي القدس
2012-11-16
http://www.alquds.co.uk/today/16qpt999.jpg
في غمرة انشغالنا بالاحداث المتفجرة في المنطقة العربية وحروبها وانتفاضاتها، حدث تطور على درجة كبيرة من الاهمية في اقصى الشرق، اي في الصين، حيث انتخب الحزب الشيوعي الصيني الحاكم قيادة جديدة ستلعب دورا كبيرا في صياغة مستقبل العالم.
تشي جينبينغ حل محمل هيو جينتاو الذي قاد البلاد طوال السنوات العشر الماضية، واستطاع ان ينقلها من القوة الاقتصادية السادسة الى القوة الثانية بعد الولايات المتحدة الامريكية، ومن خلال معدلات نمو فاقت العشرة في المئة سنويا.
القائد الصيني الجديد سيواصل انجازات من سبقه، وستكون مهمته المستقبلية الاكبر جعل الصين القوة الاقتصادية الاولى في العالم، وارجاع الولايات المتحدة الامريكية الى المرتبة الثانية.
جينبينغ القى خطابا مقتضبا رحب فيه بانتخابه للموقع الاهم في بلاده لم يستغرق الا خمس عشرة دقيقة، ركز فيه على كيفية تحسين معيشة الانسان الصيني الفقير، والقضاء على الفساد من جذوره الذي بات يهدد الامة الصينية وانجازاتها.
الكتاب الغربيون، والامريكان منهم على وجه الخصوص، ركزوا طوال الوقت على ان القائد الصيني الجديد لم يأت عبر صناديق الاقتراع اسوة بنظرائه في امريكا واوروبا، مثلما ركزوا على غياب الديمقراطية والحريات بصورتها الغربية.
هذا الانتقاد ينطوي على بعض الصحة، ولكنه يأتي من موقع الحاسد، ويعكس نظرة غربية متعالية. لا ترى القذى الا في عيون الآخرين، خاصة اذا كان في اماكن اخرى خارج الفلك الامريكي الرأسمالي.
انتقال السلطة من هيو جينتاو الى خليفته تشي جينبينغ تم بهدوء وسلاسة ودون اي بهرجة اعلامية، ولم يدع الى حفل التتويج اي ضيف اجنبي، وهذا انجاز كبير في حد ذاته، فالرئيس السابق هيو جينتاو، ورغم انجازاته العظيمة لبلاده، لم يتمسك بالسلطة حتى الرمق الاخير من حياته، وتنازل عن صلاحياته كرئيس وقائد اعلى للقوات المسلحة بهدوء. وصافح الرئيس الجديد مهنئا ومؤكدا على دعمه ومساندته له ولكن من المواقع الخلفية.
ليس هناك شك بان مهمة القائد الصيني الجديد تتسم بالصعوبة، فهناك العديد من التحديات تقف في طريقه وهو الاصلاحي، اولها كيفية مكافحة الفساد المستشري في اوساط الطبقة الحاكمة على المستويين القومي والمناطقي، وتحفيز الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل.
الرئيس الصيني السابق هيو جينتاو طالب في خطابه الوداعي باصلاحات اقتصادية جذرية اهمها تشجيع الاستهلاك الداخلي، وعدم الاعتماد كليا على الصادرات والاستثمارات المالية الخارجية، وهذا يعني تقليص عمليات شراء السندات الامريكية والاوروبية حيث تملك الصين ما مقداره اربعة تريليونات دولار من السندات الامريكية، مما يجعل الصين اكبر دائن لامريكا.
التركيز على الاصلاح الاقتصادي، والتنمية العلمية كأحد اعمدته الرئيسية في العهد الجديد ليس كافيا، وكان لا بد ان يتوازى مع اصلاح سياسي ايضا، من حيث توسيع دائرة المشاركة في السلطة، وانهاء سيطرة الحزب الواحد بالانتقال الى التعددية الحزبية، ومن المؤكد ان هذه النقطة لا تغيب عن المسؤولين الصينيين، ولكن المسألة مسألة اولويات، وطالما ان نظام الحزب الواحد سينقل الصين، وفي سنوات معدودة الى القوة الاعظم اقتصاديا، وربما عسكريا لاحقا، فان التعددية السياسية يمكن ان تنتظر بضع سنوات، طالما ان المرحلة المقبلة هي مرحلة التركيز على المواطن ورفاهيته وتقديم افضل الخدمات له.
الديمقراطية قادمة، وهي مسألة حتمية، يستحقها الشعب الصيني الذي حقق المعجزات بكده وعرقه وتضحياته من اجل ان يضع بلاده على الخريطة كقوة عظمى، وربما الاعظم وفي اقل من خمسين عاما، بعد ان تحرر من الاستعمار والفقر والادمان على المخدرات التي اغرقه فيها هذا الاستعمار.
رأي القدس
2012-11-16
http://www.alquds.co.uk/today/16qpt999.jpg
في غمرة انشغالنا بالاحداث المتفجرة في المنطقة العربية وحروبها وانتفاضاتها، حدث تطور على درجة كبيرة من الاهمية في اقصى الشرق، اي في الصين، حيث انتخب الحزب الشيوعي الصيني الحاكم قيادة جديدة ستلعب دورا كبيرا في صياغة مستقبل العالم.
تشي جينبينغ حل محمل هيو جينتاو الذي قاد البلاد طوال السنوات العشر الماضية، واستطاع ان ينقلها من القوة الاقتصادية السادسة الى القوة الثانية بعد الولايات المتحدة الامريكية، ومن خلال معدلات نمو فاقت العشرة في المئة سنويا.
القائد الصيني الجديد سيواصل انجازات من سبقه، وستكون مهمته المستقبلية الاكبر جعل الصين القوة الاقتصادية الاولى في العالم، وارجاع الولايات المتحدة الامريكية الى المرتبة الثانية.
جينبينغ القى خطابا مقتضبا رحب فيه بانتخابه للموقع الاهم في بلاده لم يستغرق الا خمس عشرة دقيقة، ركز فيه على كيفية تحسين معيشة الانسان الصيني الفقير، والقضاء على الفساد من جذوره الذي بات يهدد الامة الصينية وانجازاتها.
الكتاب الغربيون، والامريكان منهم على وجه الخصوص، ركزوا طوال الوقت على ان القائد الصيني الجديد لم يأت عبر صناديق الاقتراع اسوة بنظرائه في امريكا واوروبا، مثلما ركزوا على غياب الديمقراطية والحريات بصورتها الغربية.
هذا الانتقاد ينطوي على بعض الصحة، ولكنه يأتي من موقع الحاسد، ويعكس نظرة غربية متعالية. لا ترى القذى الا في عيون الآخرين، خاصة اذا كان في اماكن اخرى خارج الفلك الامريكي الرأسمالي.
انتقال السلطة من هيو جينتاو الى خليفته تشي جينبينغ تم بهدوء وسلاسة ودون اي بهرجة اعلامية، ولم يدع الى حفل التتويج اي ضيف اجنبي، وهذا انجاز كبير في حد ذاته، فالرئيس السابق هيو جينتاو، ورغم انجازاته العظيمة لبلاده، لم يتمسك بالسلطة حتى الرمق الاخير من حياته، وتنازل عن صلاحياته كرئيس وقائد اعلى للقوات المسلحة بهدوء. وصافح الرئيس الجديد مهنئا ومؤكدا على دعمه ومساندته له ولكن من المواقع الخلفية.
ليس هناك شك بان مهمة القائد الصيني الجديد تتسم بالصعوبة، فهناك العديد من التحديات تقف في طريقه وهو الاصلاحي، اولها كيفية مكافحة الفساد المستشري في اوساط الطبقة الحاكمة على المستويين القومي والمناطقي، وتحفيز الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل.
الرئيس الصيني السابق هيو جينتاو طالب في خطابه الوداعي باصلاحات اقتصادية جذرية اهمها تشجيع الاستهلاك الداخلي، وعدم الاعتماد كليا على الصادرات والاستثمارات المالية الخارجية، وهذا يعني تقليص عمليات شراء السندات الامريكية والاوروبية حيث تملك الصين ما مقداره اربعة تريليونات دولار من السندات الامريكية، مما يجعل الصين اكبر دائن لامريكا.
التركيز على الاصلاح الاقتصادي، والتنمية العلمية كأحد اعمدته الرئيسية في العهد الجديد ليس كافيا، وكان لا بد ان يتوازى مع اصلاح سياسي ايضا، من حيث توسيع دائرة المشاركة في السلطة، وانهاء سيطرة الحزب الواحد بالانتقال الى التعددية الحزبية، ومن المؤكد ان هذه النقطة لا تغيب عن المسؤولين الصينيين، ولكن المسألة مسألة اولويات، وطالما ان نظام الحزب الواحد سينقل الصين، وفي سنوات معدودة الى القوة الاعظم اقتصاديا، وربما عسكريا لاحقا، فان التعددية السياسية يمكن ان تنتظر بضع سنوات، طالما ان المرحلة المقبلة هي مرحلة التركيز على المواطن ورفاهيته وتقديم افضل الخدمات له.
الديمقراطية قادمة، وهي مسألة حتمية، يستحقها الشعب الصيني الذي حقق المعجزات بكده وعرقه وتضحياته من اجل ان يضع بلاده على الخريطة كقوة عظمى، وربما الاعظم وفي اقل من خمسين عاما، بعد ان تحرر من الاستعمار والفقر والادمان على المخدرات التي اغرقه فيها هذا الاستعمار.