otabhq8
12-13-2010, 12:44 PM
قدم النواب: مسلم البراك، ود.جمعان الحربش، وصالح الملا رسميا في الساعة 12 ظهرا صحيفة استجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح، ومن محور واحد: انتهاك احكام الدستور، والتعدي على الحريات العامة
وجاء الإستجواب من ممثلي كتل العمل الشعبي والعمل الوطني والتنمية والإصلاح، حيث يعتبر الاستجواب الثامن لرئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد.
ويعتبر الشيخ ناصر المحمد هو رئيس الوزراء المسجل باسمه أرقام قياسية تاريخية فهو أول رئيس وزراء في تاريخ الكويت يتعرض للمساءلة السياسية وهو ايضا اول رئيس وزراء عربي يصعد المنصة والاول الذي يقدم بحقه كتاب عدم التعاون في اول تفعيل لحكم المادة 102 منذ صدور الدستور.
وفي ما يلي نص صحيفة الإستجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
استجواب موجه إلى
سمو رئيس مجلس الوزراء / بصفته
بعد أن أولانا الشعب الكويتي ثقته الغالية بتوفيق من الله وعونه ، فقد أدينا جميعا بصفتنا نواباً منتخبين ممثلين للأمة يمين القسم الدستوري المنصوص عليه في المادة الحادية والتسعين من الدستور ، وذلك قبل أن نتولى أعمالنا في المجلس أو لجانه ، حيث أقسم كل واحد منا بالله العظيم أن يكون مخلصاً للوطن وللأمير ، وأن يحترم الدستور وقوانين الدولة ويذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله ، وأن يؤدى أعماله بالأمانة والصدق .
وعندما أدينا هذا القسم العظيم ، كنا ندرك معه عظم المسؤولية ، وثقل الأمانة ، وضرورة الالتزام بما أقسمنا عليه والوفاء به ، وآلينا على أنفسنا أن نقوم بواجباتنا الدستورية في التشريع والرقابة من دون خور أو تردد ، ومن دون تجن أو تقصد .
ومن بين أهم أدوات الرقابة ، التي أولانا إياها الدستور : أداة الاستجواب ، حيث نصت المادة مئة من الدستور من بين ما نصت عليه أنه ' لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم ولا تجري المناقشة في الاستجواب إلا بعد ثمانية أيام على الأقل من يوم تقديمه ، وذلك في غير حالة الاستعجال وموافقة الوزير وبمراعاة حكم المادتين 101 و 102 من الدستور يجوز أن يؤدي الاستجواب إلى طرح الثقة على المجلس ' .
وإذا كان الدستور قد رسم في المادة مئة وواحد كيفية التعامل مع طرح الثقة في الوزير المستجوب ، فإنه في المادة مئة وأثنين منه قد حدد مساراً خاصاً للتعامل مع طلب إعلان عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء في أعقاب استجوابه ، إلا أن الدستور لم يفرق بين استجواب رئيس مجلس الوزراء واستجواب الوزراء ما دام الاستجواب يتم عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم .
ووفقاً لأحكام المادة مئة وسبع وعشرين من الدستور فإن رئيس مجلس الوزراء هو الذي يتولى رياسة جلسات المجلس ويشرف على تنسيق الأعمال بين الوزارات المختلفة ... أما مجلس الوزراء فإنه وفق المادة مئة وثلاثة وعشرون هو الذي يهيمن على مصالح الدولة ، ويرسم السياسة العامة للحكومة ، ويتابع تنفيذها ، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية ... ولا يتولى رئيس مجلس الوزراء أية حقيبة وزارية ، وفقاً لحكم المادة مئة واثنين من الدستور ، وقد أوضحت المذكرة التفسيرية
للدستور أهمية ذلك بأنه يستهدف : ' مراعاة ضخامة أعباء رئاسة الوزارة في التوجيه العام للحكم ، والتنسيق بين الوزارات واتجاهاتها ، وتحقيق رقابة ذاتية يمارسها رئيس مجلس الوزراء على الوزارات المختلفة ، مما يضاعف أسباب الحرص على الصالح العام والتزام هذه الوزارات للحدود الدستورية والقانونية المقررة ' .
كما أوضحت المذكرة التفسيرية للدستور في معرض تفسيرها للمادة التاسعة والتسعين من الدستور أن ' الأسئلة المنصوص عليها في هذه المادة ، إنما توجه إلى رئيس مجلس الوزراء عن السياسة العامة للحكومة ، أما الهيئات التابعة لرياسة مجلس الوزراء أو الملحقة بها فيسأل عنها وزير دولة لشئون مجلس الوزراء
أما الوزير فيسأل كل منهم عن أعمال وزارته ، ومعلوم أن السؤال لا يجاوز معني الاستفهام إلى معنى التجريح أو النقد وإلا أصبح استجواباً مما نصت عليه المادة 100 من الدستور ' ، ومؤدى هذا فيما يخص رئيس مجلس الوزراء أنه هو المسؤول الأول عن السياسة العامة للحكومة ، وهو الذي يُساءل عنها دستورياً سواءً عبر الأسئلة ، وهذا ما أشارت إليه المادة ، أو عبر الاستجوابات عندما تتجاوز معنى الاستفهام
وإزاء هذه الأحكام الدستورية الصريحة ، والتزاماً بالقسم الدستوري ، الذي بدأنا به مسؤولياتنا الدستورية في الفصل التشريعي الثالث عشر ، فإننا نتقدم باستجوابنا إلى سمو / رئيس مجلس الوزراء بصفته ، مجملين فيما يلي بصفة عامة وبإيجاز الموضوعات والوقائع التي يتناولها هذا الاستجواب في محور وحيد :
انتهاك أحكام الدستور والتعدي على الحريات العامة ،
من بين أهم المبادئ الدستورية المعتمدة في مختلف النظم الديمقراطية ، وبينها دستور دولة الكويت ، مبدأ الحصانة البرلمانية ، التي هي استثناء من القانون العام يهدف إلى صيانة التمثيل النيابي وضمان منع تعدي السلطات الأخرى على أعضاء البرلمان ، ومن دون هذه الحصانة فإن النائب الممثل للأمة يصبح غير قادر على ممارسة دوره المفترض ، ويكون عرضة للمسؤولية القانونية وهو يؤدي أعماله البرلمانية ، ما يحد من حريته ويقيد حركته ويعيق قدرته .
إن الحصانة البرلمانية نوعان : أولهما ، حصانة موضوعية تمنع مساءلة أعضاء البرلمانات جنائياً أو مدنياً عن أفكارهم وآرائهم وأقوالهم الصادرة عنهم داخل الجلسات العامة للبرلمان أوفي لجانه أثناء ممارستهم مسؤولياتهم البرلمانية ، وهذه الحصانة ضد المسؤولية البرلمانية حصانة مطلقة ودائمة تستمر إلى ما بعد انقضاء عضوية النائب ، وقد أشارت إليها المادة مئة وثمانية من الدستور ، التي قررت أن عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها و ' لا سلطان لأي هيئة عليه في عملة بالمجلس أو لجانه ' ، وأكدتها المادة مئة وعشرة من الدستور التي تنص على أن ' عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه ، ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال ' ... أما النوع الآخر من الحصانة فهي الحصانة الإجرائية ، التى تهدف إلى منع اتخاذ إجراءات جنائية ضد أي عضو من أعضاء البرلمان في غير حالة التلبس في الجريمة ،إلا بإذن من البرلمان نفسه ، وقد نظمت أحكامها المادة مئة وأحد عشر من الدستور .
ولقد سبق لمجلس الأمة أن أذن مرات ومرات برفع الحصانة الإجرائية عن العديد من أعضائه في مختلف الفصول التشريعية ، ولم يكن الأمر مثار جدل أو خلاف، اللهم فيما يتصل بالكيدية من عدمها .
ولكن الحكومة الحالية أحدثت سابقة خطرة يخشى من عواقبها ، وتمثل انتهاكا خطيراً للدستور ولما كفله من ضمانات ، وذلك عندما استهدفت هذه الحكومة الحصانة البرلمانية لأعضاء مجلس الأمة في جانبها الموضوعي ، بما يتعارض مع المادتين مئة وثمانية و مئة وعشرة من الدستور ، ويمثل محاولة إهدار مقصودة لمبدأ
حصانة أعضاء مجلس الأمة ضد المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية عما يبدونه من آراء وأفكار في المجلس أو لجانه ، التي لا تجوز مؤاخذتهم عنها بأي حال من الأحوال .
فقد عمدت الحكومة أولاً عبر نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية ووزير العدل إلى إرسال طلب إلى مجلس الأمة برفع الحصانة عن عضو مجلس الأمة الدكتور فيصل علي المسلم في القضية رقم 963/2009 اتصالاً بما دار داخل قاعة عبدالله السالم في مجلس الأمة بجلسة 4 نوفمبر 2009 ، وهو الطلب الذي رفضت إقراره لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس الأمة عندما بحثته، لتعارضه مع المادة 110 من الدستور ، ولم تلتزم الحكومة بأحكام المادة 111 من الدستور فيما نصت عليه من وجوب إخطار المجلس دواماً في أول اجتماع له بأي إجراء يتخذ في غيبته ضد أي عضو من أعضائه ، وذلك بعد أن تم التحقيق مع السيد العضو خلال غيبة المجلس ... ولم تكتف الحكومة بذلك ، وإنما عمدت إلى تعطيل أعمال مجلس الأمة وذلك عبر إفقاد النصاب في جلستي المجلس العاديتين ، اللتين كان من المقرر انعقادهما صباح يومي الثلاثاء 30 نوفمبر 2010 والأربعاء 1 ديسمبر 2010 ، مع محاولة تغطية التعطيل المتعمد بحضور رمزي لأحد الوزراء . وهنا لم يجد نواب الأمة الحريصون على تطبيق الدستور بداً من تقديم طلب لعقد جلسة خاصة يوم الاثنين 6 ديسمبر 2010 لوضع حد لمحاولة الحكومة إهدار مبدأ الحصانة الموضوعية لعضو مجلس الأمة ، فكررت الحكومة فعلتها في محاولة مقصودة متعمدة مكشوفة ثالثة للتحايل على الإجراءات الواردة في المادة مئة وأحد عشر من الدستور ، وفرض رفع الحصانة كأمر واقع وذلك عن طريق الحيلولة دون تمكين مجلس الأمة من إصدار قراره في طلب الإذن برفع الحصانة خلال شهر من تاريخ وصوله ، ليكون ذلك بمثابة إذن .
ولما كان هذا السلوك الحكومي العابث بالضمانات الدستورية واللائحية ، يتجاوز في نطاق مسؤوليته وزيراً بعينة من أعضاء مجلس الوزراء ، بل أنه يمثل جزءاً من سياسة حكومية تهدف إلى إهدار مبدأ الحصانة الموضوعية لنواب الأمة ، المقررة في المادتين مئة وثمانية و مئة وعشرة من الدستور ، فعليه يصبح سمو رئيس مجلس الوزراء / بصفته هو الطرف ، الذي يجب أن يتحمل المسؤولية السياسية عن هذا السلوك الحكومي المرفوض .
وإزاء هذه التصرفات الحكومية لم يكن هناك من بد من الالتزام بأحكام المادة (6) من الدستور للعودة إلى الأمة لاطلاعها على كل ما جرى ، الا ان الحكومة قامت بتصرف يمثل تجاوزاً خطيراً غير مسبوق بمثل جرئته على انتهاك نصوص الدستور وتجاهله إلى ما قضت به المحكمة الدستورية بعدم دستورية العديد من مواد المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات وذلك في الحكم الصادر بتاريخ 1/5/2006 والذي كان من ضمن ما جاء في حيثياته ما يلي :-
' وحيث أنه متى كان ما تقدم جميعه وكان الأصل أن حريات وحقوق الإنسان لا يستقل أي مشرع بإنشائها ، بل إنه فيما يضعه من قواعد في شأنها لا يعدو أن يكون كاشفاً عن حقوق طبيعية أصيلة ، ولا ريب في أن الناس أحرار بالفطرة ولهم آراؤهم وأفكارهم وهم أحرار في الغدو والرواح ، فرادى ومجتمعين ، وفي التفرق والتجمع مهما كان عددهم مادام عملهم لا يضر بالآخرين ، وقد غدت حريات وحقوق الإنسان جزءاً من الضمير العالمي واستقرت في الوجدان الإنساني ، وحرصت النظم الديمقراطية على حمايتها وتوفير ضماناتها ، كما درجت الدساتير على إيرادها ضمن نصوصها تبصيراً للناس بها ، ويكون ذلك قيداً على المشرع لا يتعداه فيما يسنه من أحكام ، وقد تطورت هذه الحريات فأضحت نظاما اجتماعياً وحقاً للأفراد ضرورياً للمجتمعات المدنية لا يجوز التفريط فيه أو التضحية به إلا فيما تمليه موجبات الضرورة ومقتضيات الصالح المشترك للمجتمع ، والحاصل أن الحريات العامة إنما ترتبط بعضها ببعض برباط وثيق بحيث إذا تعطلت إحداها تعطلت سائر الحريات الأخرى ، فهي تتساند جميعاً وتتضافر ولا يجوز تجزئتها أو فصلها أو عزلها عن بعضها ، كما أن ضمانها في مجموع عناصرها أو مكوناتها لازم ، وهي حياة الأمم أداة لارتقائها وتقدمها ، ومن الدعامات الأساسية التي لا يقوم أي نظام ديمقراطي بدونها ، كما تؤسس الدول على ضوئها مجتمعاتها ، دعما لتفاعل مواطنيها معها ، بما يكفل توثيق روابطها ، وتطوير بنيانها ، وتعميق حرياتها .
وحيث أن الدستور فيما ينص عليه في المادة (6) من أن نظام الحكم في الكويت ديمقراطي والسيادة فيه للأمة ، ردد في نصوص مواده وفي أكثر من موضع الأحكام والمبادئ التي تحدد مفهوم الديمقراطية التي تلمس طريقها خياراً ، وتشكل معالم المجتمع الذي ينشده سواء ما اتصل منها بتوكيد السيادة الشعبية وهي جوهر الديمقراطية ، أو بكفالة الحريات والحقوق العامة وهي هدفها ، أو بالمشاركة في ممارسة السلطة وهي وسيلتها ، كما ألقت المذكرة التفسيرية للدستور بظلالها على دور رقابة الرأي العام ، وأن الحكم الديمقراطي يأخذ بيدها ، ويوفر مقوماتها وضماناتها ، وأن هذه الرقابة تمثل العمود الفقري في شعبية الحكم ، حيث أوردت المذكرة التفسيرية في هذا المقام أن هذه المقومات والضمانات في مجموعها هي التي تفيء على المواطنين بحبوحة من الحرية السياسية ، فتكفل لهم – إلى جانب حق الانتخاب السياسي – مختلف مقومات الحرية الشخصية ( في المواد 30 و 31 و 32 و 33 و 34 من الدستور ) وحرية العقيدة (المادة 35) وحرية الرأي (المادة 36 ) وحرية الصحافة والطباعة والنشر (المادة 37) وحرية المراسلة ( المادة 39) وحرية تكوين الجمعيات والنقابات ( المادة 43) وحرية الاجتماع الخاص وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات (المادة 44 ) وحق تقديم العرائض إلى السلطات العامة ( المادة 45) وفي جو مليء بهذه الحريات ينمو حتما الوعي السياسي ويقوى الرأي العام ..... '
وإذ كان الأمر كذلك ، وكان مبدأ السيادة الشعبية – جوهر الديمقراطية وعمادها – لازمه أن يكون للشعب ممثلاً في نوابه بالمجلس النيابي الكلمة الحرة فيما يعرض عليه من شئون عامة ، وأن يكون لأفراد الشعب أيضا رقابه شعبية فعالة يمارسها بالرأي الحر ، مما يغدو معه الحق في الرقابة الشعبية فرعاً من حرية التعبير ، ونتاجاً لها ، فلا يجوز والأمر كذلك وضع قيود على هذا الحق على غير مقتض من طبيعته ومتطلبات ممارسته ، ومصادرة هذه الحرية أو فصلها عن أدواتها ووسائل مباشرتها، وإلا عد ذلك هدماً للديمقراطية في محتواها المقرر في الدستور .
وحيث أن حق الاجتماع بما يعنيه من مكنة الأفراد في التجمع في مكان ما فترة من الوقت للتعبير عن آرائهم فيما يعن لهم من مسائل تهمهم وما يرمي إليه – بالوسائل السلمية – من تكوين إطار يضمهم لتبادل الفكر وتمحيص الرأي بالحوار أو النقاش أو الجدال توصلا من خلال تفاعل الآراء إلى أعظمها سدادا ونفعاً ، هذا الحق سواء كان مستقلاً عن غيره من الحقوق ، أو بالنظر إلى ان حرية التعبير تشتمل عليه باعتباره كافلاً لأهم قنواتها محققاً من خلالها أهدافها ، فإنه لا يجوز نقضه لما من شأن ذلك ان يقوض الأسس التي لا يقوم بدونها نظام للحكم يكون مستنداً إلى الإرادة الشعبية .
ولما كان ذلك ، وكان الدستور قد كفل للأفراد حرياتهم في الاجتماعات الخاصة دون أن يخضعها لأي تنظيم لتعلقها بحرية حياتهم الخاصة ، وذلك دون حاجة لهم إلى إذن سابق ، أو أشعار أي جهة بها مقدماً ، ولا يجوز لقوات الأمن إقحام نفسها على هذه الاجتماعات إلا إذا كان الأمر متعلقاً بارتكاب جريمة من الجرائم المعاقب عليها قانوناً جرى الإبلاغ عنها '.
وتستمر المحكمة الدستورية لتورد في حيثيات حكمها ما يلي :
' وفي إطلاق يتأبى بذاته مع صحيح التقدير لما أراده الدستور حين عهد إلى القانون بتنظيم حق الاجتماع قاصداً ضمانه ، وتقرير الوسائل الملائمة لصونه ، وهي أكثر ما تكون لزوماً في مواجهة القيود التي تقوض هذا الحق أو تحد منه ، وأن يكون أسلوباً قويماً للتعبير عن الإرادة الشعبية من خلال الحوار العام ، ولا يتصور ان يكون قد قصد الدستور من ذلك أن يتخذ من هذا التنظيم ذريعة لتجريد الحق من لوازمه ، أو العصف به ، وإطلاق سلطة الإدارة في إخفات الآراء بقوة القانون ، أو منحها سلطة وصيانة تحكمية على الرأي العام ، أو تعطيل الحق في الحوار العام ، وذلك من خلال نصوص تتعدد تأويلاتها ، مفتقدة التحديد الجازم لضوابط تطبيقها ، مفتقرة إلى عناصر الضبط والإحكام الموضوعي ، منطوية على خفاء وغموض ما يلتبس معناها على أوساط الناس ، ويثار الجدل في شأن حقيقة محتواها بحيث لا يأمن أحد معها مصيراً ، وأن يكون هذا التجهيل موطئاً للإخلال بحقوق كفلها الدستور كتلك المتعلقة بالحرية الشخصية وحرية التعبير وحق الاجتماع ، وضمان تدفق الآراء من مصادرها المختلفة ، فسلطة التنظيم حدها قواعد الدستور ، ولازمها ألا تكون النصوص شباكاً أو شراكاً يلقيها القانون متصيداً باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها ولا يبصرون مواقعها '
ثم يأتي حكم المحكمة الدستورية في نهاية حيثياته وفي منطوقه بإيراد ما يلي :
' وإذ جهل المرسوم بقانون في المادة (1) منه حدود الاجتماعات العامة التي يسري عليها والذي يعتبر تعيينها مفترضاً أولياً للترخيص به طبقاً للمادة (4) وإعمال النص الجزائي الوارد بالمادة (16) المترتب على عدم الحصول عليه ، فإن نص المادة (1) باتصاله بنص المادة (4) بإطلاقه واستباحاته غير المقيدة وغير المحدودة يكون مجاوزاً دائرة التنظيم ، مناقضاً لأحكام الدستور لإخلاله بالحقوق التي كفلها في مجال حرية التعبير وحق الاجتماع ، والتي وفرها الدستور للمواطنين طبقاً للمادتين (36) و(44) منه
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم، يتعين الحكم بعدم دستورية المادتين
(1) و (4) من المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات لمخالفتها المواد ( 30) و(34) و(36) و(44) من الدستور ، ولما كانت المواد (2) و(3) و(5) و(6) و(8) و (9) و(10) و(11) و(16) و(17) و (18) و(19) و(20) من المرسوم بقانون المشار إليه مترتبة على المادتين (1) و(4) بما مؤداه ارتباط هذه النصوص ببعضها البعض ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة ، فإن عدم دستورية المادتين (1) و(4) وإبطال أثرها ، يستتبع – بحكم اللزوم والارتباط – أن يلحق هذا الإبطال النصوص المشار إليها وذلك فيما تضمنته تلك النصوص متعلقاً بالاجتماع العام ، دون أن يستطيل ذلك الإبطال لما تعلق منها بالمواكب والمظاهرات والتجمعات والتي تخرج عن نطاق الطعن الماثل .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولا : بعدم دستورية المادتين (1) و(4) من المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات .
ثانياً : بعدم دستورية نصوص المواد (2) و(3) و(5) و(6) و(8) و (9) و(10) و(11) و(16) و(17) و (18) و(19) و(20)من المرسوم بقانون المشار إليه ، وذلك فيما تضمنته تلك النصوص متعلقاً بالاجتماع العام. (إنتهى)
وإزاء هذا التعد الحكومي السافر على حرية عقد الاجتماعات العامة ، التي كفلها الدستور في المادة الرابعة والأربعين منه علاوة ما تضمنه الدستور من حرمة للمساكن (المادة 38)، وهو ما يمثل السلوك الحكومي العامد إلى انتهاك الدستور وذلك من باب التعدي على الحريات العامة المكفولة دستورياً ... وهذا ما شهدناه في أبشع صوره وأشنع أساليبه عندما تعدت الأجهزة الأمنية وتحديداً ' القوات الخاصة ' على النواب و المواطنين الآمنين المجتمعين سلمياً في ديوان عضو مجلس الأمة النائب الدكتور جمعان الحربش في منطقة الصليبخات مساء يوم الأربعاء المشؤوم الثامن من ديسمبر 2010، حيث انهالت عليهم بالضرب الوحشي والركل ، وجرى سحب بعض المواطنين من داخل سور منزل النائب إلى الخارج للتنكيل بهم على الرغم من الإعلان عن انتهاء الندوة ، بل لقد تعمدت هذه الأجهزة إلى استهداف عدد من أعضاء مجلس الأمة ، الذين كانوا يسعون إلى تهدئة خواطر المواطنين المتعرضين للاعتداء ، فانهالت عليهم بالهراوات والضربات الموجهة ، ما أوقع في العديد منهم وفي غيرهم إصابات ورضوض ادخلوا على أثرها إلى المستشفيات .
كما ان هذا التحدي المتكرر من الحكومة لأحكام الدستور وإعمالها لنصوص وردت في المرسوم بالقانون رقم 65 لسنة 1979 تم الحكم بعدم دستوريتها ، وتعديات القوات الخاصة على المواطنين وأعضاء مجلس الأمة ، وتعمدها التضييق على الحريات العامة ، خصوصاً حرية المواطنين في عقد الاجتماعات ، بل ما تمادت إليه الحكومة في قمع الندوات ، يعني بوضوح أن هناك سياسة حكومية عامة مقررة في هذا الشأن ، وهي سياسة حكومية متعارضة مع مبادئ النظام الديمقراطي ، وتمثل انتهاكاً صارخاً للضمانات الدستورية ، وتعدياً سافراً على الحريات العامة ، لا يمكن السكوت عليها أو غض الطرف عنها ، وتتحمل الحكومة كل المسؤولية عنها ، وليس وزيراً بعينه ، ما يقود بالضرورة إلى توجيه المساءلة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء / بصفته .
وانطلاقاً مما سبق ، فإننا نتوجه بهذا الاستجواب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء / بصفته ، ونحمله المسؤولية تجاه السياسة الحكومية الهادفة إلى انتهاك الدستور والتعدي على الحريات العامة ، التى تمثل ارتداداً خطيراً عن مبادئ النظام الديمقراطي لابد من وقفه ومساءلة المتسبب فيه .
مقدمو الاستجواب
الاثنين 7 من محرم 1432 هـ
13 من ديسمبر 2010 م
مسلـم محمـــد البراك
جمعان ظاهر الحربش
صـالــح محمــد المـلا
وجاء الإستجواب من ممثلي كتل العمل الشعبي والعمل الوطني والتنمية والإصلاح، حيث يعتبر الاستجواب الثامن لرئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد.
ويعتبر الشيخ ناصر المحمد هو رئيس الوزراء المسجل باسمه أرقام قياسية تاريخية فهو أول رئيس وزراء في تاريخ الكويت يتعرض للمساءلة السياسية وهو ايضا اول رئيس وزراء عربي يصعد المنصة والاول الذي يقدم بحقه كتاب عدم التعاون في اول تفعيل لحكم المادة 102 منذ صدور الدستور.
وفي ما يلي نص صحيفة الإستجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
استجواب موجه إلى
سمو رئيس مجلس الوزراء / بصفته
بعد أن أولانا الشعب الكويتي ثقته الغالية بتوفيق من الله وعونه ، فقد أدينا جميعا بصفتنا نواباً منتخبين ممثلين للأمة يمين القسم الدستوري المنصوص عليه في المادة الحادية والتسعين من الدستور ، وذلك قبل أن نتولى أعمالنا في المجلس أو لجانه ، حيث أقسم كل واحد منا بالله العظيم أن يكون مخلصاً للوطن وللأمير ، وأن يحترم الدستور وقوانين الدولة ويذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله ، وأن يؤدى أعماله بالأمانة والصدق .
وعندما أدينا هذا القسم العظيم ، كنا ندرك معه عظم المسؤولية ، وثقل الأمانة ، وضرورة الالتزام بما أقسمنا عليه والوفاء به ، وآلينا على أنفسنا أن نقوم بواجباتنا الدستورية في التشريع والرقابة من دون خور أو تردد ، ومن دون تجن أو تقصد .
ومن بين أهم أدوات الرقابة ، التي أولانا إياها الدستور : أداة الاستجواب ، حيث نصت المادة مئة من الدستور من بين ما نصت عليه أنه ' لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم ولا تجري المناقشة في الاستجواب إلا بعد ثمانية أيام على الأقل من يوم تقديمه ، وذلك في غير حالة الاستعجال وموافقة الوزير وبمراعاة حكم المادتين 101 و 102 من الدستور يجوز أن يؤدي الاستجواب إلى طرح الثقة على المجلس ' .
وإذا كان الدستور قد رسم في المادة مئة وواحد كيفية التعامل مع طرح الثقة في الوزير المستجوب ، فإنه في المادة مئة وأثنين منه قد حدد مساراً خاصاً للتعامل مع طلب إعلان عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء في أعقاب استجوابه ، إلا أن الدستور لم يفرق بين استجواب رئيس مجلس الوزراء واستجواب الوزراء ما دام الاستجواب يتم عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم .
ووفقاً لأحكام المادة مئة وسبع وعشرين من الدستور فإن رئيس مجلس الوزراء هو الذي يتولى رياسة جلسات المجلس ويشرف على تنسيق الأعمال بين الوزارات المختلفة ... أما مجلس الوزراء فإنه وفق المادة مئة وثلاثة وعشرون هو الذي يهيمن على مصالح الدولة ، ويرسم السياسة العامة للحكومة ، ويتابع تنفيذها ، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية ... ولا يتولى رئيس مجلس الوزراء أية حقيبة وزارية ، وفقاً لحكم المادة مئة واثنين من الدستور ، وقد أوضحت المذكرة التفسيرية
للدستور أهمية ذلك بأنه يستهدف : ' مراعاة ضخامة أعباء رئاسة الوزارة في التوجيه العام للحكم ، والتنسيق بين الوزارات واتجاهاتها ، وتحقيق رقابة ذاتية يمارسها رئيس مجلس الوزراء على الوزارات المختلفة ، مما يضاعف أسباب الحرص على الصالح العام والتزام هذه الوزارات للحدود الدستورية والقانونية المقررة ' .
كما أوضحت المذكرة التفسيرية للدستور في معرض تفسيرها للمادة التاسعة والتسعين من الدستور أن ' الأسئلة المنصوص عليها في هذه المادة ، إنما توجه إلى رئيس مجلس الوزراء عن السياسة العامة للحكومة ، أما الهيئات التابعة لرياسة مجلس الوزراء أو الملحقة بها فيسأل عنها وزير دولة لشئون مجلس الوزراء
أما الوزير فيسأل كل منهم عن أعمال وزارته ، ومعلوم أن السؤال لا يجاوز معني الاستفهام إلى معنى التجريح أو النقد وإلا أصبح استجواباً مما نصت عليه المادة 100 من الدستور ' ، ومؤدى هذا فيما يخص رئيس مجلس الوزراء أنه هو المسؤول الأول عن السياسة العامة للحكومة ، وهو الذي يُساءل عنها دستورياً سواءً عبر الأسئلة ، وهذا ما أشارت إليه المادة ، أو عبر الاستجوابات عندما تتجاوز معنى الاستفهام
وإزاء هذه الأحكام الدستورية الصريحة ، والتزاماً بالقسم الدستوري ، الذي بدأنا به مسؤولياتنا الدستورية في الفصل التشريعي الثالث عشر ، فإننا نتقدم باستجوابنا إلى سمو / رئيس مجلس الوزراء بصفته ، مجملين فيما يلي بصفة عامة وبإيجاز الموضوعات والوقائع التي يتناولها هذا الاستجواب في محور وحيد :
انتهاك أحكام الدستور والتعدي على الحريات العامة ،
من بين أهم المبادئ الدستورية المعتمدة في مختلف النظم الديمقراطية ، وبينها دستور دولة الكويت ، مبدأ الحصانة البرلمانية ، التي هي استثناء من القانون العام يهدف إلى صيانة التمثيل النيابي وضمان منع تعدي السلطات الأخرى على أعضاء البرلمان ، ومن دون هذه الحصانة فإن النائب الممثل للأمة يصبح غير قادر على ممارسة دوره المفترض ، ويكون عرضة للمسؤولية القانونية وهو يؤدي أعماله البرلمانية ، ما يحد من حريته ويقيد حركته ويعيق قدرته .
إن الحصانة البرلمانية نوعان : أولهما ، حصانة موضوعية تمنع مساءلة أعضاء البرلمانات جنائياً أو مدنياً عن أفكارهم وآرائهم وأقوالهم الصادرة عنهم داخل الجلسات العامة للبرلمان أوفي لجانه أثناء ممارستهم مسؤولياتهم البرلمانية ، وهذه الحصانة ضد المسؤولية البرلمانية حصانة مطلقة ودائمة تستمر إلى ما بعد انقضاء عضوية النائب ، وقد أشارت إليها المادة مئة وثمانية من الدستور ، التي قررت أن عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها و ' لا سلطان لأي هيئة عليه في عملة بالمجلس أو لجانه ' ، وأكدتها المادة مئة وعشرة من الدستور التي تنص على أن ' عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه ، ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال ' ... أما النوع الآخر من الحصانة فهي الحصانة الإجرائية ، التى تهدف إلى منع اتخاذ إجراءات جنائية ضد أي عضو من أعضاء البرلمان في غير حالة التلبس في الجريمة ،إلا بإذن من البرلمان نفسه ، وقد نظمت أحكامها المادة مئة وأحد عشر من الدستور .
ولقد سبق لمجلس الأمة أن أذن مرات ومرات برفع الحصانة الإجرائية عن العديد من أعضائه في مختلف الفصول التشريعية ، ولم يكن الأمر مثار جدل أو خلاف، اللهم فيما يتصل بالكيدية من عدمها .
ولكن الحكومة الحالية أحدثت سابقة خطرة يخشى من عواقبها ، وتمثل انتهاكا خطيراً للدستور ولما كفله من ضمانات ، وذلك عندما استهدفت هذه الحكومة الحصانة البرلمانية لأعضاء مجلس الأمة في جانبها الموضوعي ، بما يتعارض مع المادتين مئة وثمانية و مئة وعشرة من الدستور ، ويمثل محاولة إهدار مقصودة لمبدأ
حصانة أعضاء مجلس الأمة ضد المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية عما يبدونه من آراء وأفكار في المجلس أو لجانه ، التي لا تجوز مؤاخذتهم عنها بأي حال من الأحوال .
فقد عمدت الحكومة أولاً عبر نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية ووزير العدل إلى إرسال طلب إلى مجلس الأمة برفع الحصانة عن عضو مجلس الأمة الدكتور فيصل علي المسلم في القضية رقم 963/2009 اتصالاً بما دار داخل قاعة عبدالله السالم في مجلس الأمة بجلسة 4 نوفمبر 2009 ، وهو الطلب الذي رفضت إقراره لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس الأمة عندما بحثته، لتعارضه مع المادة 110 من الدستور ، ولم تلتزم الحكومة بأحكام المادة 111 من الدستور فيما نصت عليه من وجوب إخطار المجلس دواماً في أول اجتماع له بأي إجراء يتخذ في غيبته ضد أي عضو من أعضائه ، وذلك بعد أن تم التحقيق مع السيد العضو خلال غيبة المجلس ... ولم تكتف الحكومة بذلك ، وإنما عمدت إلى تعطيل أعمال مجلس الأمة وذلك عبر إفقاد النصاب في جلستي المجلس العاديتين ، اللتين كان من المقرر انعقادهما صباح يومي الثلاثاء 30 نوفمبر 2010 والأربعاء 1 ديسمبر 2010 ، مع محاولة تغطية التعطيل المتعمد بحضور رمزي لأحد الوزراء . وهنا لم يجد نواب الأمة الحريصون على تطبيق الدستور بداً من تقديم طلب لعقد جلسة خاصة يوم الاثنين 6 ديسمبر 2010 لوضع حد لمحاولة الحكومة إهدار مبدأ الحصانة الموضوعية لعضو مجلس الأمة ، فكررت الحكومة فعلتها في محاولة مقصودة متعمدة مكشوفة ثالثة للتحايل على الإجراءات الواردة في المادة مئة وأحد عشر من الدستور ، وفرض رفع الحصانة كأمر واقع وذلك عن طريق الحيلولة دون تمكين مجلس الأمة من إصدار قراره في طلب الإذن برفع الحصانة خلال شهر من تاريخ وصوله ، ليكون ذلك بمثابة إذن .
ولما كان هذا السلوك الحكومي العابث بالضمانات الدستورية واللائحية ، يتجاوز في نطاق مسؤوليته وزيراً بعينة من أعضاء مجلس الوزراء ، بل أنه يمثل جزءاً من سياسة حكومية تهدف إلى إهدار مبدأ الحصانة الموضوعية لنواب الأمة ، المقررة في المادتين مئة وثمانية و مئة وعشرة من الدستور ، فعليه يصبح سمو رئيس مجلس الوزراء / بصفته هو الطرف ، الذي يجب أن يتحمل المسؤولية السياسية عن هذا السلوك الحكومي المرفوض .
وإزاء هذه التصرفات الحكومية لم يكن هناك من بد من الالتزام بأحكام المادة (6) من الدستور للعودة إلى الأمة لاطلاعها على كل ما جرى ، الا ان الحكومة قامت بتصرف يمثل تجاوزاً خطيراً غير مسبوق بمثل جرئته على انتهاك نصوص الدستور وتجاهله إلى ما قضت به المحكمة الدستورية بعدم دستورية العديد من مواد المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات وذلك في الحكم الصادر بتاريخ 1/5/2006 والذي كان من ضمن ما جاء في حيثياته ما يلي :-
' وحيث أنه متى كان ما تقدم جميعه وكان الأصل أن حريات وحقوق الإنسان لا يستقل أي مشرع بإنشائها ، بل إنه فيما يضعه من قواعد في شأنها لا يعدو أن يكون كاشفاً عن حقوق طبيعية أصيلة ، ولا ريب في أن الناس أحرار بالفطرة ولهم آراؤهم وأفكارهم وهم أحرار في الغدو والرواح ، فرادى ومجتمعين ، وفي التفرق والتجمع مهما كان عددهم مادام عملهم لا يضر بالآخرين ، وقد غدت حريات وحقوق الإنسان جزءاً من الضمير العالمي واستقرت في الوجدان الإنساني ، وحرصت النظم الديمقراطية على حمايتها وتوفير ضماناتها ، كما درجت الدساتير على إيرادها ضمن نصوصها تبصيراً للناس بها ، ويكون ذلك قيداً على المشرع لا يتعداه فيما يسنه من أحكام ، وقد تطورت هذه الحريات فأضحت نظاما اجتماعياً وحقاً للأفراد ضرورياً للمجتمعات المدنية لا يجوز التفريط فيه أو التضحية به إلا فيما تمليه موجبات الضرورة ومقتضيات الصالح المشترك للمجتمع ، والحاصل أن الحريات العامة إنما ترتبط بعضها ببعض برباط وثيق بحيث إذا تعطلت إحداها تعطلت سائر الحريات الأخرى ، فهي تتساند جميعاً وتتضافر ولا يجوز تجزئتها أو فصلها أو عزلها عن بعضها ، كما أن ضمانها في مجموع عناصرها أو مكوناتها لازم ، وهي حياة الأمم أداة لارتقائها وتقدمها ، ومن الدعامات الأساسية التي لا يقوم أي نظام ديمقراطي بدونها ، كما تؤسس الدول على ضوئها مجتمعاتها ، دعما لتفاعل مواطنيها معها ، بما يكفل توثيق روابطها ، وتطوير بنيانها ، وتعميق حرياتها .
وحيث أن الدستور فيما ينص عليه في المادة (6) من أن نظام الحكم في الكويت ديمقراطي والسيادة فيه للأمة ، ردد في نصوص مواده وفي أكثر من موضع الأحكام والمبادئ التي تحدد مفهوم الديمقراطية التي تلمس طريقها خياراً ، وتشكل معالم المجتمع الذي ينشده سواء ما اتصل منها بتوكيد السيادة الشعبية وهي جوهر الديمقراطية ، أو بكفالة الحريات والحقوق العامة وهي هدفها ، أو بالمشاركة في ممارسة السلطة وهي وسيلتها ، كما ألقت المذكرة التفسيرية للدستور بظلالها على دور رقابة الرأي العام ، وأن الحكم الديمقراطي يأخذ بيدها ، ويوفر مقوماتها وضماناتها ، وأن هذه الرقابة تمثل العمود الفقري في شعبية الحكم ، حيث أوردت المذكرة التفسيرية في هذا المقام أن هذه المقومات والضمانات في مجموعها هي التي تفيء على المواطنين بحبوحة من الحرية السياسية ، فتكفل لهم – إلى جانب حق الانتخاب السياسي – مختلف مقومات الحرية الشخصية ( في المواد 30 و 31 و 32 و 33 و 34 من الدستور ) وحرية العقيدة (المادة 35) وحرية الرأي (المادة 36 ) وحرية الصحافة والطباعة والنشر (المادة 37) وحرية المراسلة ( المادة 39) وحرية تكوين الجمعيات والنقابات ( المادة 43) وحرية الاجتماع الخاص وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات (المادة 44 ) وحق تقديم العرائض إلى السلطات العامة ( المادة 45) وفي جو مليء بهذه الحريات ينمو حتما الوعي السياسي ويقوى الرأي العام ..... '
وإذ كان الأمر كذلك ، وكان مبدأ السيادة الشعبية – جوهر الديمقراطية وعمادها – لازمه أن يكون للشعب ممثلاً في نوابه بالمجلس النيابي الكلمة الحرة فيما يعرض عليه من شئون عامة ، وأن يكون لأفراد الشعب أيضا رقابه شعبية فعالة يمارسها بالرأي الحر ، مما يغدو معه الحق في الرقابة الشعبية فرعاً من حرية التعبير ، ونتاجاً لها ، فلا يجوز والأمر كذلك وضع قيود على هذا الحق على غير مقتض من طبيعته ومتطلبات ممارسته ، ومصادرة هذه الحرية أو فصلها عن أدواتها ووسائل مباشرتها، وإلا عد ذلك هدماً للديمقراطية في محتواها المقرر في الدستور .
وحيث أن حق الاجتماع بما يعنيه من مكنة الأفراد في التجمع في مكان ما فترة من الوقت للتعبير عن آرائهم فيما يعن لهم من مسائل تهمهم وما يرمي إليه – بالوسائل السلمية – من تكوين إطار يضمهم لتبادل الفكر وتمحيص الرأي بالحوار أو النقاش أو الجدال توصلا من خلال تفاعل الآراء إلى أعظمها سدادا ونفعاً ، هذا الحق سواء كان مستقلاً عن غيره من الحقوق ، أو بالنظر إلى ان حرية التعبير تشتمل عليه باعتباره كافلاً لأهم قنواتها محققاً من خلالها أهدافها ، فإنه لا يجوز نقضه لما من شأن ذلك ان يقوض الأسس التي لا يقوم بدونها نظام للحكم يكون مستنداً إلى الإرادة الشعبية .
ولما كان ذلك ، وكان الدستور قد كفل للأفراد حرياتهم في الاجتماعات الخاصة دون أن يخضعها لأي تنظيم لتعلقها بحرية حياتهم الخاصة ، وذلك دون حاجة لهم إلى إذن سابق ، أو أشعار أي جهة بها مقدماً ، ولا يجوز لقوات الأمن إقحام نفسها على هذه الاجتماعات إلا إذا كان الأمر متعلقاً بارتكاب جريمة من الجرائم المعاقب عليها قانوناً جرى الإبلاغ عنها '.
وتستمر المحكمة الدستورية لتورد في حيثيات حكمها ما يلي :
' وفي إطلاق يتأبى بذاته مع صحيح التقدير لما أراده الدستور حين عهد إلى القانون بتنظيم حق الاجتماع قاصداً ضمانه ، وتقرير الوسائل الملائمة لصونه ، وهي أكثر ما تكون لزوماً في مواجهة القيود التي تقوض هذا الحق أو تحد منه ، وأن يكون أسلوباً قويماً للتعبير عن الإرادة الشعبية من خلال الحوار العام ، ولا يتصور ان يكون قد قصد الدستور من ذلك أن يتخذ من هذا التنظيم ذريعة لتجريد الحق من لوازمه ، أو العصف به ، وإطلاق سلطة الإدارة في إخفات الآراء بقوة القانون ، أو منحها سلطة وصيانة تحكمية على الرأي العام ، أو تعطيل الحق في الحوار العام ، وذلك من خلال نصوص تتعدد تأويلاتها ، مفتقدة التحديد الجازم لضوابط تطبيقها ، مفتقرة إلى عناصر الضبط والإحكام الموضوعي ، منطوية على خفاء وغموض ما يلتبس معناها على أوساط الناس ، ويثار الجدل في شأن حقيقة محتواها بحيث لا يأمن أحد معها مصيراً ، وأن يكون هذا التجهيل موطئاً للإخلال بحقوق كفلها الدستور كتلك المتعلقة بالحرية الشخصية وحرية التعبير وحق الاجتماع ، وضمان تدفق الآراء من مصادرها المختلفة ، فسلطة التنظيم حدها قواعد الدستور ، ولازمها ألا تكون النصوص شباكاً أو شراكاً يلقيها القانون متصيداً باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها ولا يبصرون مواقعها '
ثم يأتي حكم المحكمة الدستورية في نهاية حيثياته وفي منطوقه بإيراد ما يلي :
' وإذ جهل المرسوم بقانون في المادة (1) منه حدود الاجتماعات العامة التي يسري عليها والذي يعتبر تعيينها مفترضاً أولياً للترخيص به طبقاً للمادة (4) وإعمال النص الجزائي الوارد بالمادة (16) المترتب على عدم الحصول عليه ، فإن نص المادة (1) باتصاله بنص المادة (4) بإطلاقه واستباحاته غير المقيدة وغير المحدودة يكون مجاوزاً دائرة التنظيم ، مناقضاً لأحكام الدستور لإخلاله بالحقوق التي كفلها في مجال حرية التعبير وحق الاجتماع ، والتي وفرها الدستور للمواطنين طبقاً للمادتين (36) و(44) منه
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم، يتعين الحكم بعدم دستورية المادتين
(1) و (4) من المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات لمخالفتها المواد ( 30) و(34) و(36) و(44) من الدستور ، ولما كانت المواد (2) و(3) و(5) و(6) و(8) و (9) و(10) و(11) و(16) و(17) و (18) و(19) و(20) من المرسوم بقانون المشار إليه مترتبة على المادتين (1) و(4) بما مؤداه ارتباط هذه النصوص ببعضها البعض ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة ، فإن عدم دستورية المادتين (1) و(4) وإبطال أثرها ، يستتبع – بحكم اللزوم والارتباط – أن يلحق هذا الإبطال النصوص المشار إليها وذلك فيما تضمنته تلك النصوص متعلقاً بالاجتماع العام ، دون أن يستطيل ذلك الإبطال لما تعلق منها بالمواكب والمظاهرات والتجمعات والتي تخرج عن نطاق الطعن الماثل .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولا : بعدم دستورية المادتين (1) و(4) من المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات .
ثانياً : بعدم دستورية نصوص المواد (2) و(3) و(5) و(6) و(8) و (9) و(10) و(11) و(16) و(17) و (18) و(19) و(20)من المرسوم بقانون المشار إليه ، وذلك فيما تضمنته تلك النصوص متعلقاً بالاجتماع العام. (إنتهى)
وإزاء هذا التعد الحكومي السافر على حرية عقد الاجتماعات العامة ، التي كفلها الدستور في المادة الرابعة والأربعين منه علاوة ما تضمنه الدستور من حرمة للمساكن (المادة 38)، وهو ما يمثل السلوك الحكومي العامد إلى انتهاك الدستور وذلك من باب التعدي على الحريات العامة المكفولة دستورياً ... وهذا ما شهدناه في أبشع صوره وأشنع أساليبه عندما تعدت الأجهزة الأمنية وتحديداً ' القوات الخاصة ' على النواب و المواطنين الآمنين المجتمعين سلمياً في ديوان عضو مجلس الأمة النائب الدكتور جمعان الحربش في منطقة الصليبخات مساء يوم الأربعاء المشؤوم الثامن من ديسمبر 2010، حيث انهالت عليهم بالضرب الوحشي والركل ، وجرى سحب بعض المواطنين من داخل سور منزل النائب إلى الخارج للتنكيل بهم على الرغم من الإعلان عن انتهاء الندوة ، بل لقد تعمدت هذه الأجهزة إلى استهداف عدد من أعضاء مجلس الأمة ، الذين كانوا يسعون إلى تهدئة خواطر المواطنين المتعرضين للاعتداء ، فانهالت عليهم بالهراوات والضربات الموجهة ، ما أوقع في العديد منهم وفي غيرهم إصابات ورضوض ادخلوا على أثرها إلى المستشفيات .
كما ان هذا التحدي المتكرر من الحكومة لأحكام الدستور وإعمالها لنصوص وردت في المرسوم بالقانون رقم 65 لسنة 1979 تم الحكم بعدم دستوريتها ، وتعديات القوات الخاصة على المواطنين وأعضاء مجلس الأمة ، وتعمدها التضييق على الحريات العامة ، خصوصاً حرية المواطنين في عقد الاجتماعات ، بل ما تمادت إليه الحكومة في قمع الندوات ، يعني بوضوح أن هناك سياسة حكومية عامة مقررة في هذا الشأن ، وهي سياسة حكومية متعارضة مع مبادئ النظام الديمقراطي ، وتمثل انتهاكاً صارخاً للضمانات الدستورية ، وتعدياً سافراً على الحريات العامة ، لا يمكن السكوت عليها أو غض الطرف عنها ، وتتحمل الحكومة كل المسؤولية عنها ، وليس وزيراً بعينه ، ما يقود بالضرورة إلى توجيه المساءلة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء / بصفته .
وانطلاقاً مما سبق ، فإننا نتوجه بهذا الاستجواب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء / بصفته ، ونحمله المسؤولية تجاه السياسة الحكومية الهادفة إلى انتهاك الدستور والتعدي على الحريات العامة ، التى تمثل ارتداداً خطيراً عن مبادئ النظام الديمقراطي لابد من وقفه ومساءلة المتسبب فيه .
مقدمو الاستجواب
الاثنين 7 من محرم 1432 هـ
13 من ديسمبر 2010 م
مسلـم محمـــد البراك
جمعان ظاهر الحربش
صـالــح محمــد المـلا