محمد المقاطي
05-23-2009, 11:21 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقال يستحق القراءه
كتب المحامي محمد عبدالقادر الجاسم
مقالا اليوم في موقعه الالكتروني
' ميزان'
يشرح فيه بشكل عميق المشهد السياسي في المرحلة المقبلة
حيث يبين أن استهداف القبيلة في المرحلة الماضية
ما هو إلا جزء من مخطط الانقلاب الثالث على الدستور,
فالسلطة رفعت من شأن الطائفة الشيعية واستقوت بها
ودعمت المتطرفين من غلاة التعصب العرقي من السنة الحضر كعنوان للصراع المقبل
حسبي الله عليه..!
في العام 1977، وبعد تنفيذ الانقلاب الأول على النظام الدستوري، افتتح المرحوم الشيخ جابر الأحمد ديوانية شعراء النبط، ولا أذكر بالدقة ما قاله رحمه الله في الافتتاح، إلا أنه قال بما معناه: كلنا بدو أو أصلنا بدو.. وبهذا الإعلان عن 'البداوة'، عملت السلطة على استدراج القبيلة واستمالتها نحوها كما فعلت مع الجماعات الدينية حين أعلنت السلطة 'تدينها' آنذاك وسعت إلى إصدار قانون العقوبات الشرعية تدشينا لمرحلة تناغم وانسجام بين السلطة والقبيلة والجماعات الدينية في فترة انقلبت فيها السلطة على الدستور وانعزلت عن باقي فئات المجتمع! واليوم تسعى السلطة إلى التحالف مع الطائفة الشيعية وغلاة التعصب العرقي من السنة الحضر تمهيدا للانقلاب الثالث على الدستور!
بعيدا عن الفرز الفردي لتوجهات أعضاء مجلس الأمة الذين تم انتخابهم مؤخرا، يمكن القول أن الغالبية العظمى منهم سوف تتبع الحكومة وتنضوي تحت جناحها، وبالتالي فمن المفترض أن يشعر رئيس مجلس الوزراء المكلف الشيخ ناصر المحمد براحة تامة وهو يختار أعضاء الحكومة، إذ أنه يستند على أغلبية مريحة تتيح تمرير كل ما تريد حكومته من قرارات بصرف النظر عن صحتها، كما أن الأغلبية لن تتجه نحو استجوابه أو استجواب أحد أعضاء حكومته تحاشيا لحل مبكر لمجلس الأمة بصرف النظر عن أداء الحكومة. إلا أن هذه الصورة 'الوردية' التي يتمناها رؤساء الوزارات في دول العالم قاطبة تصطدم بعقبات 'ذاتية' تنذر بسقوط مبكر للحكومة 'المدعومة'.
إن أبرز تلك العقبات عقبة الإصرار على التجديد لكل من الشيخ جابر المبارك والشيخ جابر الخالد، وربما الشيخ صباح الخالد. إذ يبدو واضحا أن إعادة تعيين الشيوخ الثلاثة يواجه 'بفيتو' من الأقلية في مجلس الأمة، إلا أن هذه الأقلية قادرة على توجيه استجوابات مبكرة للشيوخ الثلاثة وحشد العدد اللازم لتقديم طلبات طرح الثقة فيهم لا سيما إذا كانت موضوعات الاستجوابات ذات صلة بالتجاوزات الأمنية والإعلامية أثناء فترة الانتخابات وتقاعس الحكومة عن اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من قام بضرب الوحدة الوطنية وتمزيق المجتمع. وبالطبع يمكن للشيخ ناصر المحمد أن يستبعد الشيوخ الثلاثة المستهدفين من الحكومة الجديدة إن هو أراد تحاشي الاصطدام المبكر، بيد أن استبعاد الشيوخ الثلاثة يعني في الواقع أن الأقلية في مجلس الأمة فرضت إرادتها وشروطها على الشيخ ناصر وعلى الأسرة الحاكمة، وهو الأمر الذي يبدو أنه لا يتناسب أبدا مع طبيعة 'الذهنية' السائدة حاليا لدى الأسرة الحاكمة، وهي ذهنية تنطلق من رغبة ملحة في استرداد الهيبة الشخصية واستعادة المكانة السياسية للأسرة، أو بعبارة أخرى ذهنية 'التحدي والتصدي' التي أنعشتها بعض نتائج الانتخابات!
صحيح تماما أن مسلم البراك وضيف الله بورمية وفيصل المسلم وخالد الطاحوس لم يفوزوا في الانتخابات لمجرد انتماءهم إلى قبائل مطير وعتيبة والعجمان، إلا أنهم جميعا، شئنا أم أبينا، يعتبرون ممثلين لقبائلهم. واليوم، ومن خلال التدقيق في طبيعة النزاع السياسي الذي دار خلال الانتخابات وإفرازاته الحالية المتصله بإعادة تعيين بعض الوزراء الشيوخ، يمكن استنتاج أن الكويت دخلت بقوة في معادلة سياسية اجتماعية جديدة جوهرها هو محاولة 'ذبح الدستور' ومحورها هو الصراع العلني بين 'القبيلة والسلطة'، وليس بين نواب وحكومة، نتيجة استهداف القبيلة عن عمد خلال الانتخابات!
إن الأمر لا يقتصر على القبائل التي أشرت إليها فقط، بل أن التدقيق في تصريح عضو مجلس الأمة غانم الميع 'العازمي' حول رفضه عودة بعض الوزراء الشيوخ يعطينا إشارة إلى حجم العزلة السياسية المتوقعة للسلطة في المرحلة القادمة، فالمعروف عن قبيلة العوازم تأييدها المطلق للسلطة والحكومة، لذلك فإن صدور تصريح صحفي من أحد ممثليها يعلن فيه معارضة إعادة تعيين بعض الوزراء الشيوخ يلفت النظر حتى لو كان لمجرد الاستهلاك الانتخابي!
لقد 'لعبت' السلطة خلال الانتخابات الأخيرة بأسس الوحدة الوطنية، وتم توجيه السهام نحو القبيلة بعد تقوية الطائفة الشيعية والاستقواء بها، وبعد رعاية غلاة التعصب العرقي من السنة الحضر، لذلك فإن النتيجة الحتمية هي تحول الاختلاف والتباين في الرأي والمواقف إلى صراع مدمر.. وإذا كان افتتاح ديوانية شعراء النبط وأسلمة الدولة قبل ثلاثين سنة جاء كتعبير عن معادلة سياسية جديدة آنذاك، فإننا اليوم نشهد ولادة معادلة سياسية معاكسة وسط أجواء يتم فيها تحضير المشهد لانقلاب ثالث على نظام الحكم الدستوري، ووسط سعي محموم لتشكيل تحالف ثلاثي جديد بين السلطة والطائفة الشيعية وغلاة التعصب العرقي من الطائفة السنية الذين عبر عن موقفهم خلال الانتخابات مرشح في الدائرة الثانية وآخر في الدائرة الثالثة!
على كل حال، في اجتماع عقد قبل فترة بين مسؤول كويتي كبير ومسؤول خليجي كبير، قال المسؤول الكويتي، الذي يشعر بالحرج بسبب الانتقادات الحادة الصادرة من المسؤولين في الخليج بسبب تردي الأوضاع في الكويت، أنه مالم 'يتسنع' أعضاء مجلس الأمة في الكويت، فإننا 'راح نصير مثلكم'، أي أن الكويت سوف تتبنى نظام مجالس الشورى المعينة! رد المسؤول الخليجي بقوله أن الحكمة سوف تحول دون ذلك! لكن بالنسبة لي يبدو أن الحكمة اليوم قد ضاعت وأن النية تتجه للانقلاب على الحكم الدستوري حتى لو كلف الأمر تقويض أسس وأركان المجتمع!
إننا اليوم في حاجة ماسة، ومن أجل ضمان عدم تمزق المجتمع، إلى مؤتمر وطني يعيد الرشد إلى من فقده، ويصحح مسار العمل السياسي ويصلح آلياته، ويصون الوحدة الوطنية التي تتعرض للتفكك. فخلال الانتخابات الأخيرة، ومن أجل محاولة السيطرة والتحكم، قام بعضنا بفتح 'المغر'، وهاهي المياه تتسرب إلى الداخل لتغرقنا جميعا.. فحسبي الله على من يدمر بلادي.. حسبي الله عليه..
مقال يستحق القراءه
كتب المحامي محمد عبدالقادر الجاسم
مقالا اليوم في موقعه الالكتروني
' ميزان'
يشرح فيه بشكل عميق المشهد السياسي في المرحلة المقبلة
حيث يبين أن استهداف القبيلة في المرحلة الماضية
ما هو إلا جزء من مخطط الانقلاب الثالث على الدستور,
فالسلطة رفعت من شأن الطائفة الشيعية واستقوت بها
ودعمت المتطرفين من غلاة التعصب العرقي من السنة الحضر كعنوان للصراع المقبل
حسبي الله عليه..!
في العام 1977، وبعد تنفيذ الانقلاب الأول على النظام الدستوري، افتتح المرحوم الشيخ جابر الأحمد ديوانية شعراء النبط، ولا أذكر بالدقة ما قاله رحمه الله في الافتتاح، إلا أنه قال بما معناه: كلنا بدو أو أصلنا بدو.. وبهذا الإعلان عن 'البداوة'، عملت السلطة على استدراج القبيلة واستمالتها نحوها كما فعلت مع الجماعات الدينية حين أعلنت السلطة 'تدينها' آنذاك وسعت إلى إصدار قانون العقوبات الشرعية تدشينا لمرحلة تناغم وانسجام بين السلطة والقبيلة والجماعات الدينية في فترة انقلبت فيها السلطة على الدستور وانعزلت عن باقي فئات المجتمع! واليوم تسعى السلطة إلى التحالف مع الطائفة الشيعية وغلاة التعصب العرقي من السنة الحضر تمهيدا للانقلاب الثالث على الدستور!
بعيدا عن الفرز الفردي لتوجهات أعضاء مجلس الأمة الذين تم انتخابهم مؤخرا، يمكن القول أن الغالبية العظمى منهم سوف تتبع الحكومة وتنضوي تحت جناحها، وبالتالي فمن المفترض أن يشعر رئيس مجلس الوزراء المكلف الشيخ ناصر المحمد براحة تامة وهو يختار أعضاء الحكومة، إذ أنه يستند على أغلبية مريحة تتيح تمرير كل ما تريد حكومته من قرارات بصرف النظر عن صحتها، كما أن الأغلبية لن تتجه نحو استجوابه أو استجواب أحد أعضاء حكومته تحاشيا لحل مبكر لمجلس الأمة بصرف النظر عن أداء الحكومة. إلا أن هذه الصورة 'الوردية' التي يتمناها رؤساء الوزارات في دول العالم قاطبة تصطدم بعقبات 'ذاتية' تنذر بسقوط مبكر للحكومة 'المدعومة'.
إن أبرز تلك العقبات عقبة الإصرار على التجديد لكل من الشيخ جابر المبارك والشيخ جابر الخالد، وربما الشيخ صباح الخالد. إذ يبدو واضحا أن إعادة تعيين الشيوخ الثلاثة يواجه 'بفيتو' من الأقلية في مجلس الأمة، إلا أن هذه الأقلية قادرة على توجيه استجوابات مبكرة للشيوخ الثلاثة وحشد العدد اللازم لتقديم طلبات طرح الثقة فيهم لا سيما إذا كانت موضوعات الاستجوابات ذات صلة بالتجاوزات الأمنية والإعلامية أثناء فترة الانتخابات وتقاعس الحكومة عن اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من قام بضرب الوحدة الوطنية وتمزيق المجتمع. وبالطبع يمكن للشيخ ناصر المحمد أن يستبعد الشيوخ الثلاثة المستهدفين من الحكومة الجديدة إن هو أراد تحاشي الاصطدام المبكر، بيد أن استبعاد الشيوخ الثلاثة يعني في الواقع أن الأقلية في مجلس الأمة فرضت إرادتها وشروطها على الشيخ ناصر وعلى الأسرة الحاكمة، وهو الأمر الذي يبدو أنه لا يتناسب أبدا مع طبيعة 'الذهنية' السائدة حاليا لدى الأسرة الحاكمة، وهي ذهنية تنطلق من رغبة ملحة في استرداد الهيبة الشخصية واستعادة المكانة السياسية للأسرة، أو بعبارة أخرى ذهنية 'التحدي والتصدي' التي أنعشتها بعض نتائج الانتخابات!
صحيح تماما أن مسلم البراك وضيف الله بورمية وفيصل المسلم وخالد الطاحوس لم يفوزوا في الانتخابات لمجرد انتماءهم إلى قبائل مطير وعتيبة والعجمان، إلا أنهم جميعا، شئنا أم أبينا، يعتبرون ممثلين لقبائلهم. واليوم، ومن خلال التدقيق في طبيعة النزاع السياسي الذي دار خلال الانتخابات وإفرازاته الحالية المتصله بإعادة تعيين بعض الوزراء الشيوخ، يمكن استنتاج أن الكويت دخلت بقوة في معادلة سياسية اجتماعية جديدة جوهرها هو محاولة 'ذبح الدستور' ومحورها هو الصراع العلني بين 'القبيلة والسلطة'، وليس بين نواب وحكومة، نتيجة استهداف القبيلة عن عمد خلال الانتخابات!
إن الأمر لا يقتصر على القبائل التي أشرت إليها فقط، بل أن التدقيق في تصريح عضو مجلس الأمة غانم الميع 'العازمي' حول رفضه عودة بعض الوزراء الشيوخ يعطينا إشارة إلى حجم العزلة السياسية المتوقعة للسلطة في المرحلة القادمة، فالمعروف عن قبيلة العوازم تأييدها المطلق للسلطة والحكومة، لذلك فإن صدور تصريح صحفي من أحد ممثليها يعلن فيه معارضة إعادة تعيين بعض الوزراء الشيوخ يلفت النظر حتى لو كان لمجرد الاستهلاك الانتخابي!
لقد 'لعبت' السلطة خلال الانتخابات الأخيرة بأسس الوحدة الوطنية، وتم توجيه السهام نحو القبيلة بعد تقوية الطائفة الشيعية والاستقواء بها، وبعد رعاية غلاة التعصب العرقي من السنة الحضر، لذلك فإن النتيجة الحتمية هي تحول الاختلاف والتباين في الرأي والمواقف إلى صراع مدمر.. وإذا كان افتتاح ديوانية شعراء النبط وأسلمة الدولة قبل ثلاثين سنة جاء كتعبير عن معادلة سياسية جديدة آنذاك، فإننا اليوم نشهد ولادة معادلة سياسية معاكسة وسط أجواء يتم فيها تحضير المشهد لانقلاب ثالث على نظام الحكم الدستوري، ووسط سعي محموم لتشكيل تحالف ثلاثي جديد بين السلطة والطائفة الشيعية وغلاة التعصب العرقي من الطائفة السنية الذين عبر عن موقفهم خلال الانتخابات مرشح في الدائرة الثانية وآخر في الدائرة الثالثة!
على كل حال، في اجتماع عقد قبل فترة بين مسؤول كويتي كبير ومسؤول خليجي كبير، قال المسؤول الكويتي، الذي يشعر بالحرج بسبب الانتقادات الحادة الصادرة من المسؤولين في الخليج بسبب تردي الأوضاع في الكويت، أنه مالم 'يتسنع' أعضاء مجلس الأمة في الكويت، فإننا 'راح نصير مثلكم'، أي أن الكويت سوف تتبنى نظام مجالس الشورى المعينة! رد المسؤول الخليجي بقوله أن الحكمة سوف تحول دون ذلك! لكن بالنسبة لي يبدو أن الحكمة اليوم قد ضاعت وأن النية تتجه للانقلاب على الحكم الدستوري حتى لو كلف الأمر تقويض أسس وأركان المجتمع!
إننا اليوم في حاجة ماسة، ومن أجل ضمان عدم تمزق المجتمع، إلى مؤتمر وطني يعيد الرشد إلى من فقده، ويصحح مسار العمل السياسي ويصلح آلياته، ويصون الوحدة الوطنية التي تتعرض للتفكك. فخلال الانتخابات الأخيرة، ومن أجل محاولة السيطرة والتحكم، قام بعضنا بفتح 'المغر'، وهاهي المياه تتسرب إلى الداخل لتغرقنا جميعا.. فحسبي الله على من يدمر بلادي.. حسبي الله عليه..