محمد المقاطي
06-08-2007, 07:47 PM
السلام عليكم ,,,
أعلن قتيبة سنة 96 هـ النفير العام ، لأنه قرر العبور من فرغانة إلى الصين ،
ضمن الخطة التي رسمها الحجاج بن يوسف الثقفي ، الذي خاطب قتيبة وابن القاسم بقوله :
( أيكما سبق إلى الصين ، فهو عامل عليها وعلى صاحبها ) ، وكما جاء في البداية والنهاية :
( ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين ، ولم يبق إلا أن يلتقي مع ملكها ) .
أعلن قتيبة التعبئة العامة ، وقال : ( لا يجوزن أحد [ نهر جيحون عائداً إلى مرو] إلا بجواز ) ،
أي بإذن رسمي خطي يؤهله العودة من ما وراء النهر إلى مرو ، ومضى قتيبة وجنده إلى فرغانة ،
وأرسل إلى شعب عصام سلاح المهندسين ( الفَعَلَة ) ليسهلوا له الطريق إلى كاشغر ،
وهي أدنى مدائن الصين.
لقد فتح قتيبة مدينة كاشغر ، وعبر بذلك نهر سيحون ،
النهر الذي يشكل الحد الطبيعي الفاصل بين الفرس والترك وبين المغول ،
وعبور قتيبة له كان أول تحد مباشر من المسلمين للشعوب المغولية .
طلب إمبراطور الصين ( يوانغ جونغ ) بعد فتح كاشغر وفداً يمثل قتيبة ،
وكتب إلى قتيبة كتاباً جاء فيه : ( ابعث إلينا رجلاً من أشراف من معكم يخبرنا عنكم ، ونسائله عن دينكم ) ،
فانتخب قتيبة من عسكره اثني عشر رجلاً من أفناء القبائل ،
لهم جمال وأجسام وألسن وشعور وبأس ، بعدما سأل عنهم فوجدهم من صالح من هم منه ،
فكلمهم قتيبة وفاطنهم فرأى عقولاً وجمالاً ،
فأمر لهم بعدة حسنة من السلاح والمتاع الجيد من الخز والوشي واللين من البياض والرقيق والنعال والعطر ،
وحملهم على خيول مطهمة تقاد معهم ، ودواب يركبونها .
وكان هبيرة بن المشمرج الكلابي مفوهاً بسيط اللسان فقال قتيبة :
يا هبيرة كيف أنت صانع ؟ قال : أصلح الله الأمير ، قد كفيت الأدب وقل ما شئت أقله وآخذ به ، قال :
سيروا على بركة الله وبالله التوفيق ،
لا تضعوا العمائم عنكم حتى تقدموا البلاد ، فإذا دخلتم عليه فأعلموه أني قد حلفت ألا أنصرف حتى أطأ بلادهم ،
وأختم ملوكهم ، وأجبي خراجهم .
سار الوفد ، وعليهم هبيرة بن المشمرج ،
فلما قدموا أرسل إليهم ملك الصين يدعوهم ،
فدخلوا الحمام ثم خرجوا فلبسوا ثياباً بياضاً تحتها الغلائل – الثياب الذي يلبس تحت الدروع – ثم مسوا الغالية – نوع من الطيب – ، وتدخنوا ولبسوا النعال والأردية ،
ودخلوا عليه ، وعنده عظماء أهل مملكته ، فجلسوا فلم يكلمهم الملك ولا أحد من جلسائه فنهضوا ، فقال الملك لمن حضره : كيف رأيتم هؤلاء ؟ قالوا :
رأينا قوماً ما هم إلا نساء ، ما بقي منا أحد حين رآهم ووجد رائحتهم إلا اشتهى النساء .
فلما كان الغد أرسل إليهم فلبسوا الوشي وعمائم الخز والمطارف وغدوا عليه، فلما دخلوا عليه قيل لهم :
ارجعوا ، فقال لأصحابه : كيف رأيتم هذه الهيئة ؟ قالوا :
هذه الهيئة أشبه بهيئة الرجال من تلك الأولى ، وهم أولئك .
فلما كان اليوم الثالث أرسل إليهم ، فشدوا عليهم سلاحهم ، ولبسوا البيض والمغافر ،
وتقلدوا السيوف ، وأخذوا الرماح ، وتنكبوا القسي ، وركبوا خيولهم ، وغدوا ،
فنظر إليهم صاحب الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة ، فلما دنوا ركزوا رماحهم ،
ثم أقبلوا نحوهم مشمرين ، فقيل لهم قبل أن يدخلوا : ارجعوا ، لما دخل قلوبهم من خوفهم .
فانصرفوا فركبوا خيولهم ، واختلجوا رماحهم ، ثم دفعوا خيولهم كأنهم يتطاردون بها ، فقال الملك لأصحابه :
كيف ترونهم ؟ قالوا : مارأينا مثل هؤلاء قط .
فلما أمسى أرسل إليهم الملك ، أن ابعثوا إلي زعيمكم وأفضلكم رجلاً ،
فبعثوا إليه هبيرة ، فقال له حين دخل عليه : قد رأيتم عظيم ملكي ، وإنه ليس أحد يمنعكم مني ،
وأنتم في بلادي ، وإنما أنتم بمنزلة البيضة في كفي ، وأنا سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتكم ، قال :
سل ، قال : لم صنعتم ما صنعتم من الزي في اليوم الأول والثاني والثالث ؟
قال هبيرة : أما زينا في يومنا الأول فلباسنا في أهالينا وريحنا عندهم ،
وأما يومنا الثاني فإذا أتينا أمراءنا ، وأما اليوم الثالث فزينا لعدونا ،
فإذا هاجنا هيج وفزع كنا هكذا ، قال الملك :
ما أحسن ما دبرتم دهركم ! فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له ينصرف ،
فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه ، وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه ،
قال له هبيرة : كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون – بلاد الشام - !
وكيف يكون حريصاً من خلف الدنيا قادراً عليها وغزاك !
وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالاً إذا حضرت فأكرمها القتل ، فلسنا نكرهه ولا نخافه .
فقال ملك الصين : فما الذي يرضي صاحبك ؟ فقال هبيرة :
إنه قد حلف ألا ينصرف حتى يطأ أرضكم ، ويختم ملوككم ،
ويعطى الجزية ، فقال ملك الصين : فإنا نخرجه من يمينه ،
نبعث إليه بتراب من تراب أرضنا فيطؤه ، ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم ،
ونبعث إليه بجزية يرضاها ، ثم دعا بصحاف من ذهب فيها تراب ،
وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم ، ثم أجازهم فأحسن جوائزهم ،
فساروا فقدموا بما بعث به ، فقبل قتيبة الجزية ، وختم الغلمة ، وردهم ، ووطئ التراب .
وبعد فتح كاشغر جاء إلى قتيبة خبر موت الوليد بن عبدالملك أمير المؤمنين ،
وتولي سليمان بن عبدالملك مكانه ، فانكسرت همته لذلك ، وعاد أدراجه ، فقتل في فرغانة .
وان شاء الله تعجبكم
أعلن قتيبة سنة 96 هـ النفير العام ، لأنه قرر العبور من فرغانة إلى الصين ،
ضمن الخطة التي رسمها الحجاج بن يوسف الثقفي ، الذي خاطب قتيبة وابن القاسم بقوله :
( أيكما سبق إلى الصين ، فهو عامل عليها وعلى صاحبها ) ، وكما جاء في البداية والنهاية :
( ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين ، ولم يبق إلا أن يلتقي مع ملكها ) .
أعلن قتيبة التعبئة العامة ، وقال : ( لا يجوزن أحد [ نهر جيحون عائداً إلى مرو] إلا بجواز ) ،
أي بإذن رسمي خطي يؤهله العودة من ما وراء النهر إلى مرو ، ومضى قتيبة وجنده إلى فرغانة ،
وأرسل إلى شعب عصام سلاح المهندسين ( الفَعَلَة ) ليسهلوا له الطريق إلى كاشغر ،
وهي أدنى مدائن الصين.
لقد فتح قتيبة مدينة كاشغر ، وعبر بذلك نهر سيحون ،
النهر الذي يشكل الحد الطبيعي الفاصل بين الفرس والترك وبين المغول ،
وعبور قتيبة له كان أول تحد مباشر من المسلمين للشعوب المغولية .
طلب إمبراطور الصين ( يوانغ جونغ ) بعد فتح كاشغر وفداً يمثل قتيبة ،
وكتب إلى قتيبة كتاباً جاء فيه : ( ابعث إلينا رجلاً من أشراف من معكم يخبرنا عنكم ، ونسائله عن دينكم ) ،
فانتخب قتيبة من عسكره اثني عشر رجلاً من أفناء القبائل ،
لهم جمال وأجسام وألسن وشعور وبأس ، بعدما سأل عنهم فوجدهم من صالح من هم منه ،
فكلمهم قتيبة وفاطنهم فرأى عقولاً وجمالاً ،
فأمر لهم بعدة حسنة من السلاح والمتاع الجيد من الخز والوشي واللين من البياض والرقيق والنعال والعطر ،
وحملهم على خيول مطهمة تقاد معهم ، ودواب يركبونها .
وكان هبيرة بن المشمرج الكلابي مفوهاً بسيط اللسان فقال قتيبة :
يا هبيرة كيف أنت صانع ؟ قال : أصلح الله الأمير ، قد كفيت الأدب وقل ما شئت أقله وآخذ به ، قال :
سيروا على بركة الله وبالله التوفيق ،
لا تضعوا العمائم عنكم حتى تقدموا البلاد ، فإذا دخلتم عليه فأعلموه أني قد حلفت ألا أنصرف حتى أطأ بلادهم ،
وأختم ملوكهم ، وأجبي خراجهم .
سار الوفد ، وعليهم هبيرة بن المشمرج ،
فلما قدموا أرسل إليهم ملك الصين يدعوهم ،
فدخلوا الحمام ثم خرجوا فلبسوا ثياباً بياضاً تحتها الغلائل – الثياب الذي يلبس تحت الدروع – ثم مسوا الغالية – نوع من الطيب – ، وتدخنوا ولبسوا النعال والأردية ،
ودخلوا عليه ، وعنده عظماء أهل مملكته ، فجلسوا فلم يكلمهم الملك ولا أحد من جلسائه فنهضوا ، فقال الملك لمن حضره : كيف رأيتم هؤلاء ؟ قالوا :
رأينا قوماً ما هم إلا نساء ، ما بقي منا أحد حين رآهم ووجد رائحتهم إلا اشتهى النساء .
فلما كان الغد أرسل إليهم فلبسوا الوشي وعمائم الخز والمطارف وغدوا عليه، فلما دخلوا عليه قيل لهم :
ارجعوا ، فقال لأصحابه : كيف رأيتم هذه الهيئة ؟ قالوا :
هذه الهيئة أشبه بهيئة الرجال من تلك الأولى ، وهم أولئك .
فلما كان اليوم الثالث أرسل إليهم ، فشدوا عليهم سلاحهم ، ولبسوا البيض والمغافر ،
وتقلدوا السيوف ، وأخذوا الرماح ، وتنكبوا القسي ، وركبوا خيولهم ، وغدوا ،
فنظر إليهم صاحب الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة ، فلما دنوا ركزوا رماحهم ،
ثم أقبلوا نحوهم مشمرين ، فقيل لهم قبل أن يدخلوا : ارجعوا ، لما دخل قلوبهم من خوفهم .
فانصرفوا فركبوا خيولهم ، واختلجوا رماحهم ، ثم دفعوا خيولهم كأنهم يتطاردون بها ، فقال الملك لأصحابه :
كيف ترونهم ؟ قالوا : مارأينا مثل هؤلاء قط .
فلما أمسى أرسل إليهم الملك ، أن ابعثوا إلي زعيمكم وأفضلكم رجلاً ،
فبعثوا إليه هبيرة ، فقال له حين دخل عليه : قد رأيتم عظيم ملكي ، وإنه ليس أحد يمنعكم مني ،
وأنتم في بلادي ، وإنما أنتم بمنزلة البيضة في كفي ، وأنا سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتكم ، قال :
سل ، قال : لم صنعتم ما صنعتم من الزي في اليوم الأول والثاني والثالث ؟
قال هبيرة : أما زينا في يومنا الأول فلباسنا في أهالينا وريحنا عندهم ،
وأما يومنا الثاني فإذا أتينا أمراءنا ، وأما اليوم الثالث فزينا لعدونا ،
فإذا هاجنا هيج وفزع كنا هكذا ، قال الملك :
ما أحسن ما دبرتم دهركم ! فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له ينصرف ،
فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه ، وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه ،
قال له هبيرة : كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون – بلاد الشام - !
وكيف يكون حريصاً من خلف الدنيا قادراً عليها وغزاك !
وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالاً إذا حضرت فأكرمها القتل ، فلسنا نكرهه ولا نخافه .
فقال ملك الصين : فما الذي يرضي صاحبك ؟ فقال هبيرة :
إنه قد حلف ألا ينصرف حتى يطأ أرضكم ، ويختم ملوككم ،
ويعطى الجزية ، فقال ملك الصين : فإنا نخرجه من يمينه ،
نبعث إليه بتراب من تراب أرضنا فيطؤه ، ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم ،
ونبعث إليه بجزية يرضاها ، ثم دعا بصحاف من ذهب فيها تراب ،
وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم ، ثم أجازهم فأحسن جوائزهم ،
فساروا فقدموا بما بعث به ، فقبل قتيبة الجزية ، وختم الغلمة ، وردهم ، ووطئ التراب .
وبعد فتح كاشغر جاء إلى قتيبة خبر موت الوليد بن عبدالملك أمير المؤمنين ،
وتولي سليمان بن عبدالملك مكانه ، فانكسرت همته لذلك ، وعاد أدراجه ، فقتل في فرغانة .
وان شاء الله تعجبكم