الذيابي الهلالي
09-05-2007, 11:40 AM
الهلال له حق فسخ عقده مع صلة (دراسة شرعية مختصرة) !!!
________________________________________
الكل تابع في الآونة الأخيرة ما حصل من قبل الإدارة الهلالية ومشاكلها في عقودها مع بعض الشركات المستثمرة في السوق الرياضي السعودية .
في البداية يجب أن نعترف أن الإدارة الهلالية اقترفت خطأ كبيراً في توقيع عدد من العقود المتعارضة ، وأنها بذلك أوقعت نفسها في خطأ قانوني صرف يجعلها – في الحالات الطبيعية – تحت طائلة المحاسبة من قبل القضاء .
ولم أكن أود الكتابة في هذا الموضوع – أعني عقود الإدارة الهلالية – لعدم تخصصي الكامل في شؤون المعاملات – رغم تخصصي الشرعي بشكل عام – وأيضاً لأن مثل هذه المسائل ينبغي أن يفصل فيها القضاء الشرعي إذا رفضت أطراف القضية الصلح فيها (والصلح قد يكون بمقابل كالشروط الجزائية ونحوها) .
لكن لما نظرت في الأمر ، ورأيت أن القضية صُعدت إعلامياً ، ولم تنتظر كلمة القضاء ، ولا حاولت الإصلاح بين الأطراف المتنازعة ، رأيتُ أن أدلي بدراسة تحدد موقف نادي الهلال وعقده مع (صلة) – فقط – دون النظر إلى العقود الأخرى .
فأقول وبالله التوفيق : أن موقف نادي الهلال في عقده مع شركة صلة موقف يحق له فيه فسخ العقد دون أي تبعات قانونية ، وذلك وقوع نادي الهلال في استغلال جشع من قبل الشركة (صلة) وذلك من خلال :
الغبن في العقد
وقد عُرف الغبن (لغة) : بالنقص ، و(اصطلاحاً) : أن يكون أحد العوضين (السلعة أو الثمن) غير متعادل مع الآخر بأن يكون أقل من قيمته أو أكثر منها .
أقسام الغبن : قسمه العلماء إلى قسمين .
القسم الأول : الغبن اليسير (غير الفاحش) ، وهو ما يتغابن به الناس عادة ويدخل تحت تقويم المقومين .. كأن يقوم مقوّم سلعةً بعشرة وآخر بعشرة ونصف مثلاً !!
فهذا غبن يسير لا أثر له في العقد .
القسم الثاني : هو الغبن الفاحش الذي لا يتغابن به الناس ولا يدخل تحت تقويم المقومين كأن يشتري سلعة تساوي خمسة بعشرة ، أو يبيع أخرى تساوي عشرين بعشرة .
وهذا القسم (الغبن الفاحش) اُختلف في حق المغبون في الفسخ على ثلاثة أقوال :
الأول : لا يحق له الفسخ بمجرد الغبن إلا إذا انضم إليها تغرير بأن يصف السلعة بغير ما هي عليه في الواقع إما لزيادة قيمتها إن كان بائعاً ، أو لتخفيضها إن كان مشترياً !
وهذا هو رأي الحنفية ؛ ويرون أن الغبن بلا تغرير إنما لتقصير المغبون وعدم ترويه وسؤال أهل الخبر لا إلى مكر العاقد !
واستثنوا من الحكم ؛ أموال بيت المال ، وأموال الوقف ، والمحجور عليه لسفه أو جنون أو صغر ، فحينها يحق لهم الفسخ حتى لو لم يكن فيها أي تغرير !
الثاني : وهو رأي الشافعية ؛ أنه لا أثر للغبن الفاحش في العقد سواء غُرر به أم لم يغرر به لأن الغبن لا يقع إلا بتقصير من المغبون غالباً ، فلو سأل أهل الخبر لما وقع في الغبن !!
الثالث : يؤثر على العقد فيجعله غير لازم ، وهذا رأي الحنابلة – المذهب المعتمد في القضاء السعودي – وخصوا حق الفسخ في ثلاث حالات :
أ. تلقي الركبان : كمثل تلقي بعض ضعفاء النفوس لتجار الخضار مثلاً قبل دخول السوق فيوهمونهم أن سعر الخضار منخفض لكي يبيعوا عليهم فيقومون ببيعه بسعر السوق الحقيقي الذي يكون عادة أعلى مما اشتروا به !
ب. النجش : وهو معروف ؛ زيادة ثمن السلعة المعروضة للبيع دون رغبة للشراء وذلك لنفع البائع بزيادة قيمتها على غير ما تستحق !
ج. المسترسل : وقد اختلف في تحديد وصفه ، هل هو مجرد الجاهل (حتى لو كان يحسن المماكسة) أم الجاهل الذي لا يحسن المماكسة ؟
والذي رجحه ابن عثيمين في الشرح الممتع 8/302 أن "الصحيح أن له الخيار لجهله بالقيمة ولتغرير البائع به فلا ينبغي إلا أن نعامل البائع بنقيض قصده" ، وعليه فلو وثق المشتري أو البائع الطرف الثاني ظناً أنه صادق في استحقاق السلعة لهذه القيمة ، ثم تبين أنه غُبن فيها فإن له حق فسخ البيع بلا أي التزام مالي !
أقسام المغبون :
والمغبون قد يكون مشترياً ، أو بائعاً ..
1/ فالمشتري : كأن يذهب إلى محل ملابس رياضية ليشتري له حذاء كرة قدم ، فيشتريه بـ 150 ريالاً ، ثم يتبين له من كلام زملاءه أو محلات أخرى أنها تباع بـ 100 ريال ونحو ذلك .
2/ والبائع : كأن يأتي المشتري ويقول له : هذه السلعة لا تستحق أكثر من خمسين ويشتريها بهذا السعر وهي في حقيقتها تستحق 75 ريالاً .
ضابط الغبن :
اختلف في تقدير الغبن ، فمنهم من قدره بـ 5% ، ومنهم من قدره بـ 10% كابن عثيمين في الشرح الممتع 8/296 ، ومنهم من قدره بـ 20% ، لكن الشيخ محمد بن عثيمين قال "إذا جعلنا الأمر مرتبطاً بالعادة فهو أحسن" فما عده الناس غبناً فهو غبن .
واقع القضية :
الإدارة الهلالية (بائع) لمنفعة ، وصلة (مشتري) قدّم مبلغ عشرة ملايين للموسم الواحد لأجل منفعة إعلامية استثمارية تقدمها شهرة الهلال وقوته في الدوري .
ولكن قد عرف الجميع أن هذه القيمة ليست هي القيمة الحقيقة للهلال ، وقد تكلم عن ضعف المبلغ من قبل أن تتعاقد الإدارة مع موبايلي ، ثم بعد التعاقد قدمت شركة موبايلي 40 مليون للموسم الواحد ..
وعليه فإن المبلغ الذي قدمته صلة لا يمثل إلا 25% من قيمة عقد موبايلي ، وهذا عقد فيه غبن فاحش يتجاوز النسب التي ذكرت سابقاً كلها (رغم الخلاف) ، وهو بالتالي يتجاوز العادة ولا شك .
فللهلال حينها حق الفسخ ولا شك !!!!
________________________________________
الكل تابع في الآونة الأخيرة ما حصل من قبل الإدارة الهلالية ومشاكلها في عقودها مع بعض الشركات المستثمرة في السوق الرياضي السعودية .
في البداية يجب أن نعترف أن الإدارة الهلالية اقترفت خطأ كبيراً في توقيع عدد من العقود المتعارضة ، وأنها بذلك أوقعت نفسها في خطأ قانوني صرف يجعلها – في الحالات الطبيعية – تحت طائلة المحاسبة من قبل القضاء .
ولم أكن أود الكتابة في هذا الموضوع – أعني عقود الإدارة الهلالية – لعدم تخصصي الكامل في شؤون المعاملات – رغم تخصصي الشرعي بشكل عام – وأيضاً لأن مثل هذه المسائل ينبغي أن يفصل فيها القضاء الشرعي إذا رفضت أطراف القضية الصلح فيها (والصلح قد يكون بمقابل كالشروط الجزائية ونحوها) .
لكن لما نظرت في الأمر ، ورأيت أن القضية صُعدت إعلامياً ، ولم تنتظر كلمة القضاء ، ولا حاولت الإصلاح بين الأطراف المتنازعة ، رأيتُ أن أدلي بدراسة تحدد موقف نادي الهلال وعقده مع (صلة) – فقط – دون النظر إلى العقود الأخرى .
فأقول وبالله التوفيق : أن موقف نادي الهلال في عقده مع شركة صلة موقف يحق له فيه فسخ العقد دون أي تبعات قانونية ، وذلك وقوع نادي الهلال في استغلال جشع من قبل الشركة (صلة) وذلك من خلال :
الغبن في العقد
وقد عُرف الغبن (لغة) : بالنقص ، و(اصطلاحاً) : أن يكون أحد العوضين (السلعة أو الثمن) غير متعادل مع الآخر بأن يكون أقل من قيمته أو أكثر منها .
أقسام الغبن : قسمه العلماء إلى قسمين .
القسم الأول : الغبن اليسير (غير الفاحش) ، وهو ما يتغابن به الناس عادة ويدخل تحت تقويم المقومين .. كأن يقوم مقوّم سلعةً بعشرة وآخر بعشرة ونصف مثلاً !!
فهذا غبن يسير لا أثر له في العقد .
القسم الثاني : هو الغبن الفاحش الذي لا يتغابن به الناس ولا يدخل تحت تقويم المقومين كأن يشتري سلعة تساوي خمسة بعشرة ، أو يبيع أخرى تساوي عشرين بعشرة .
وهذا القسم (الغبن الفاحش) اُختلف في حق المغبون في الفسخ على ثلاثة أقوال :
الأول : لا يحق له الفسخ بمجرد الغبن إلا إذا انضم إليها تغرير بأن يصف السلعة بغير ما هي عليه في الواقع إما لزيادة قيمتها إن كان بائعاً ، أو لتخفيضها إن كان مشترياً !
وهذا هو رأي الحنفية ؛ ويرون أن الغبن بلا تغرير إنما لتقصير المغبون وعدم ترويه وسؤال أهل الخبر لا إلى مكر العاقد !
واستثنوا من الحكم ؛ أموال بيت المال ، وأموال الوقف ، والمحجور عليه لسفه أو جنون أو صغر ، فحينها يحق لهم الفسخ حتى لو لم يكن فيها أي تغرير !
الثاني : وهو رأي الشافعية ؛ أنه لا أثر للغبن الفاحش في العقد سواء غُرر به أم لم يغرر به لأن الغبن لا يقع إلا بتقصير من المغبون غالباً ، فلو سأل أهل الخبر لما وقع في الغبن !!
الثالث : يؤثر على العقد فيجعله غير لازم ، وهذا رأي الحنابلة – المذهب المعتمد في القضاء السعودي – وخصوا حق الفسخ في ثلاث حالات :
أ. تلقي الركبان : كمثل تلقي بعض ضعفاء النفوس لتجار الخضار مثلاً قبل دخول السوق فيوهمونهم أن سعر الخضار منخفض لكي يبيعوا عليهم فيقومون ببيعه بسعر السوق الحقيقي الذي يكون عادة أعلى مما اشتروا به !
ب. النجش : وهو معروف ؛ زيادة ثمن السلعة المعروضة للبيع دون رغبة للشراء وذلك لنفع البائع بزيادة قيمتها على غير ما تستحق !
ج. المسترسل : وقد اختلف في تحديد وصفه ، هل هو مجرد الجاهل (حتى لو كان يحسن المماكسة) أم الجاهل الذي لا يحسن المماكسة ؟
والذي رجحه ابن عثيمين في الشرح الممتع 8/302 أن "الصحيح أن له الخيار لجهله بالقيمة ولتغرير البائع به فلا ينبغي إلا أن نعامل البائع بنقيض قصده" ، وعليه فلو وثق المشتري أو البائع الطرف الثاني ظناً أنه صادق في استحقاق السلعة لهذه القيمة ، ثم تبين أنه غُبن فيها فإن له حق فسخ البيع بلا أي التزام مالي !
أقسام المغبون :
والمغبون قد يكون مشترياً ، أو بائعاً ..
1/ فالمشتري : كأن يذهب إلى محل ملابس رياضية ليشتري له حذاء كرة قدم ، فيشتريه بـ 150 ريالاً ، ثم يتبين له من كلام زملاءه أو محلات أخرى أنها تباع بـ 100 ريال ونحو ذلك .
2/ والبائع : كأن يأتي المشتري ويقول له : هذه السلعة لا تستحق أكثر من خمسين ويشتريها بهذا السعر وهي في حقيقتها تستحق 75 ريالاً .
ضابط الغبن :
اختلف في تقدير الغبن ، فمنهم من قدره بـ 5% ، ومنهم من قدره بـ 10% كابن عثيمين في الشرح الممتع 8/296 ، ومنهم من قدره بـ 20% ، لكن الشيخ محمد بن عثيمين قال "إذا جعلنا الأمر مرتبطاً بالعادة فهو أحسن" فما عده الناس غبناً فهو غبن .
واقع القضية :
الإدارة الهلالية (بائع) لمنفعة ، وصلة (مشتري) قدّم مبلغ عشرة ملايين للموسم الواحد لأجل منفعة إعلامية استثمارية تقدمها شهرة الهلال وقوته في الدوري .
ولكن قد عرف الجميع أن هذه القيمة ليست هي القيمة الحقيقة للهلال ، وقد تكلم عن ضعف المبلغ من قبل أن تتعاقد الإدارة مع موبايلي ، ثم بعد التعاقد قدمت شركة موبايلي 40 مليون للموسم الواحد ..
وعليه فإن المبلغ الذي قدمته صلة لا يمثل إلا 25% من قيمة عقد موبايلي ، وهذا عقد فيه غبن فاحش يتجاوز النسب التي ذكرت سابقاً كلها (رغم الخلاف) ، وهو بالتالي يتجاوز العادة ولا شك .
فللهلال حينها حق الفسخ ولا شك !!!!